آلياتها آفاقَ عرض الجديد أو مراجعة الماضي وقراءته طبقاً لاجتهادات منفتحة.
فمثلاً : ركّز محمّد عابد الجابري على الموضوعيّة واشترط في الناقد القدرة الشموليّة «على استيعاب جميع التحوّلات التي يتحرّك بها ومن خلالها فكر صاحب النصّ». فهو يرى أنّ المسبقات والايديولوجيّات المنحرفة تقتضي منّا انفصالاً عن النصّ في مرحلة اُولى ، ثم نعود لنتّصل ونتواصل معه للكشف مرّة اُخرى عن محتواه الايديولوجي وجعله معاصراً لنفسه ، ومن ثم إعادة تكوينه في ظلّ معطيات تمكّننا من استغلاله. وبذلك نعيد مثلاً فهم التراث وجعله متحرّكاً وفقاً لظروفه وظروفنا ، وعليه فالجابري يرى «إنّه ليست جميع المناهج صالحة لجميع الموضوعات ... فطبيعة الموضوع هي التي تحدّد نوعيّة المنهج» وبذلك نفكّك العلاقات الثابتة ونولجها عالم المتغيّرات تحليلاً ، أيضاً نجعل المطلق نسبيّاً واللاتاريخي تاريخيّاً. ومثل هذه المنهجيّة الواعية ـ كما يقولون ـ توصلنا إلى مستوى النقد الابتسمولوجي لإزاحة الستار عن طرق ومفاهيم انتاج المعرفة ونقدها.
ومثلما فعل زكي نجيب محمود في نقده الوضعي المنطقي للميتافيزيقيا ـ قبل أن يتراجع عنه في أواخر نتاجاته الفكريّة والمعرفيّة ـ فقد فكّك الجابري بُنى العقل العربي ، ليعيد تشييدها طبق ما يمكن بواسطته توسيع مجالات البحث في اُصوله وخصائصه وأهدافه وايديولوجيّته العامّة.