شدّتني الإناسة ـ الإثنولوجيا ـ نحو الاهتمام بمميّزات وفرائد الناس ، اهتماماً أسعى أن يُلقي بظلاله على كتاباتي ، وكان منشؤه أنّي وجدت الكثيرين ـ بل الغالب إن لم أقل الجميع ـ يأنسون باعتناء مودّديهم بخصائصهم ويتوقون لسماعها منهم ، كأن يخبره أحدهم : أنّ لك ستّ ابتسامات : واحدة حين تفرح واُخرى لمّا تتأمّل وثالثة لمّا تصمّم ورابعة لمّا تُنجز وخامسة لمّا تستهزئ وسادسة لمّا تُفاجَأ ...
إنّ اهتمامات كهذه طالما قلبت موازين وأذابت حواجز وصهرت قلوباً بعضها بالبعض الآخر وشيّدت صروحاً مفاهيميّة نقشت آثارها بكلّ شموخ وعنفوان على صفحات الإنسانيّة ، وفعلت ما لم تفعله المغريات بشتّى صنوفها ومساحاتها.
إنّ حلّ شفرة الناس وفتح رموزهم إنّما يتيسّر بفهم لغة القلوب والعيون وقراءة ما خلف المكتوب وسماع ما دون الصمت ، الأمر الذي يفتح آفاقاً واسعةً نحو تلاحم الأحاسيس وتجانس العقول.