الإنسان أو ذاك ; فالحركة الغيبيّة ستكون الحاكمة المطلقة على كلّ شيء ، وهذا خلاف تكويني وتناقض واضح مع المشروع الإلهي القائم على كون الأمر ما بين الأمرين ، أي لا جبر ولا تفويض.
وهذا أيضاً بابٌ من أبواب السعي لتشريح نهضة الحسين عليه السلام وحقّها الذي تستأهله من خلال فهم المزايا الكبيرة التي كان يتمتّع بها عليه السلام وأصحابه المخلصين.
وإذا فرغنا من مبحث المعجزة والجبر بات علينا الالتفات إلى المقوّمات الذاتيّة التي كان يمتلكها الإمام الحسين عليه السلام في إدارة دفّة الصراع مع الاُمويّين ، فلقد تعامل بعناية فائقة ودقّة كاملة وذكاء كبير مع كلّ الأحداث التي مرّت به عليه السلام ، واستفاد من كلّ المؤن المعرفيّة والمناهج العلميّة والمضامين المبدأيّة ، وتمكّن من توظيفها ببراعة مذهلة في معركته القيَميّة تلك ، فكان الحصاد العظيم والفتح المبين الذي اكتمل بالنجاح المنقطع النظير في يوم عاشوراء ; حيث صنع عليه السلام من واقعة ذلك اليوم صرحاً من الاُسس والمفاهيم التي تزداد ألَقاً كلّما دارت الأعوام والسنون ، فلقد كان يعلم عليه السلام أنّه وأصحابه سيُقتَلون وأنّ مصيرهم الفناء الجسدي ، لذا خطّط وبرمج ونسّق كلّ خطوة يخطوها وكلّ كلمة يقولها أو سكتة يتأمّل بها ويتدبّر فيها ماذا يقرّر من الفعل والترك ..
فكان نهج خروجه من المدينة وتوديعه لجدّه رسول الله صلّى الله