كما هو التحقيق ،
بأن تكون الماهية متفاوتةً بنفسها في الأفراد ، بحيث إنّ ما به الاشتراك بينهما
بعينه جهة الامتياز بينهما ، كالأربعة والستّة ، فإنّهما مشتركتان في العددية
وممتازتان فيها ، ومفهوم العدد ينطبق عليهما بتمامهما ؛ لأنّ المفروض أنّه جهة
امتياز كلٍّ منهما ، فهو كما يصدق على ما به يشترك العددان كذلك يصدق على ما يمتاز
به أحدهما عن الآخر.
وكذلك مفهوم
الجزئي والمتشخّص فإنّه كلّي لقابليته للصدق على كثيرين ، ولا يعقل فيه دعوى أنّه
لا ينطبق على فرده بتمامه ، إذ أنّه إذا الغي من فرده خصوصيته الموجبة لجزئيته
يخرج عن كونه مطابقاً له.
وإن شئت قلت : إنّ
أيّ متخصّصٍ يفرض ينطبق عليه مفهوم الجزئي ، فإن كان منطبقاً عليه بتمامه فهو
المطلوب ، وإن انطبق عليه مع قطع النظر عن خصوصيته التي بها يمتاز على جزئيٍّ آخر
، نقلنا الكلام إلى هذه الخصوصية ، فإنّها أيضاً مصداق لمفهوم الجزئي ، فإن كان
منطبقاً عليها بتمامها فهو ، وإلّا ننقل الكلام إلى خصوصياتها ، وهكذا ، حتى ينتهي
الأمر إلى انطباق الكلّي على فرده بتمامه ؛ لبطلان التسلسل في الخصوصيات.
فقد ثبت بهذا
البرهان مع براهين التشكيك الخاصّي إمكان انطباق الكلّي على فرده بتمامه ، فافهم
واغتنم.
حدود المعلوم بالإجمال :
إذا تقرّر هذان
الأمران نقول : إنّ المعلوم الإجمالي هو الجامع بين الأطراف ، ولكن بتقريبٍ لا يرد
عليه المحاذير التي سوف نشير إلى توجّهها على القول بتعلّقه بالجامع.
وتحقيقه : أنّ
العلم الإجمالي عبارة عن التصديق بجزئيٍّ متخصّصٍ