الوجه الأول : وهو مختصّ بصورة تأخّر العلم بالملاقاة عن العلم بنجاسة الملاقي أو الطرف زماناً ، وملخّصه : أنّ العلم الإجمالي الأول المتعلّق بنجاسة أحد إناءين حين حدوثه أوجب بقانون تنجيز العلم الإجمالي تعارض الاصول في الأطراف وتساقطها ، وحين حصول العلم الإجمالي الثاني بنجاسة الثوب الملاقي للإناء الأبيض أو الإناء الأصفر يكون الأصل المؤمِّن في ناحية الإناء الأصفر قد سقط في زمانٍ سابقٍ بالمعارضة بملاحظة العلم الإجمالي الأول ، فلا يكون هناك معارض لجريان أصالة الطهارة في الثوب الملاقي ، والأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي اذا لم يكن له معارض ، جرى بلا محذور.
وإن شئت قلت : إنّ المقام من صغرويات العلم الإجمالي الذي يكون أحد طرفيه منجَّزاً بمنجِّزٍ سابق ، والمنقّح في محله انحلال مثل هذا العلم الإجمالي وعدم صلاحيته للتنجيز : إمّا ببيان جريان الأصل في الطرف الآخر بلا معارض ، وإمّا ببيان أنّه يمتنع أن يكون منجِّزاً لمعلومه على كلّ تقدير ، إذ المنجِّز لا يتنجّز ، فيسقط عن التأثير.
وهذا التقريب على القول بالعليّة لا مجال له أصلاً ؛ لِمَا ستعرف في تنبيه الانحلال ، وأشرنا إليه سابقاً من أنّه على هذا المبنى لا وجه لانحلال العلم الإجمالي بتنجّز أحد طرفيه بمنجِّزٍ سابق ؛ لأنّ العلم الإجمالي عند صاحب هذا المبنى لا يكون تنجيزه مقصوراً على الجامع بين الطرفين حتّى يقال : إنّ الجامع بين المنجِّز وغير المنجِّز لا يقبل التنجيز ، فما هو المعلوم بالعلم الإجمالي ـ وهو الجامع ـ لا يصلح للتنجيز ، وما يصلح للتنجيز وهو خصوص الطرف غير المنجّز ليس بمعلوم ، بل الصورة العلمية الإجمالية حاكية عنده عن الواقع ومنجّزة له ، فلا بدّ من صلاحية الواقع للتنجيز ، لا الجامع.
فلو فرض أنّ الواقع المنكشف إجمالاً في المقام هو الطرف الغير المنجِّز