فعهدته قد تعلّقت بنوع التالف ، وهذه العهدة باقية حتى بعد دفع العين التي لم تتلف. وإن كان المغصوب هو العين التي لم تتلف فعهدته قد تعلّقت بشخص العين غير التالفة ، وتكون عهدته حينئذٍ ساقطة بدفعها. وإذن بعد أداء العين التي لم تتلف يشكّ في بقاء العهدة المعلومة بالإجمال.
قلت : إن اريد استصحاب العهدة المعلومة قبل تلف كلٍّ من العينين ففيه : أنّ تلك العهدة الثابتة حال وضع اليد هي عهدة متعلّقة بشخص المغصوب ، وهي معلومة الارتفاع تفصيلاً بعد تلف إحدى العينين وأداء الاخرى ، إذ أنّ المغصوب : إن كان هو التالف فالعهدة المتعلّقة به قد ارتفعت وتبدّلت إلى عهدةٍ مباينةٍ لها وهي عهدة المثل ، وإن كان هو غير التالف فالعهدة المتعلّقة به قد ارتفعت بأدائه.
وإن اريد استصحاب العهدة المعلومة بالإجمال حال تلف إحدى العينين المردّدة بين عهدة نوع التالف ومثله ، أو عهدة شخص العين الاخرى فهي وإن كانت على التقدير الأوّل تكون باقيةً وعلى التقدير الثاني تكون مرتفعةً فيستصحب الجامع بين العهدة المرتفعة على تقدير ثبوتها والعهدة الباقية على تقدير ثبوتها على نحو استصحاب الكلّي في القسم الثاني إلّا أنّ هذا الاستصحاب لا يجري.
أمّا أوّلاً فلأنّه معارض باستصحاب عدم الفرد الطويل ، أي عدم تعلّق عهدةٍ له بنوع التالف ، بناءً على أنّ استصحاب عدم الفرد الطويل إذا لم يسقط بالمعارضة باستصحاب عدم الفرد القصير يعارض به استصحاب الكلّي ، فإنّ المقام من هذا القبيل ، إذ أنّ استصحاب عدم الفرد القصير من العهدة ـ أي عهدة شخص العين غير التالفة ـ قد سقط بالمعارضة مع استصحاب عدم عهدة شخص العين الاخرى بمجرّد وضع اليد على العينين ، فحين تلف إحداهما وتشكّل علمٍ إجمالي إمّا بعهدة نوع التالف أو عهدة شخص ما لم يتلف لا يكون لاستصحاب عدم حدوث عهدة