لا يجوز حذف المفاعيل الثلاثة فى باب أعلم لغير دليل (١). وكان يذهب مذهب السيرافى البصرى فى أن «غير» فى مثل «قام القوم غير على» منصوبة على التشبيه بظرف المكان (٢). وذهب مذهب أبى على الفارسى فى أن ناصب المفعول معه فى مثل «قمت وطلوع الشمس» هو الفعل معدى إليه بواسطة الواو (٣). وكان يأخذ برأى ابن جنى فى أن «إذ» فى مثل «فبينما العسر إذ دارت مياسير» ظرف عامله الفعل التالى له ، وعامل بينما محذوف يفسره الفعل المذكور (٤). وذهب كثير من النحاة إلى أن المخصوص فى مثل «نعم الرجل محمد» يجوز أن يكون خبرا ومبتدؤه محذوف ، وحتّم أن يكون المخصوص مبتدأ وما قبله خبر ، ويقول ابن هشام إنه ظاهر قول سيبويه (٥). ومما خالف فيه سابقيه من النحاة ذهابه إلى أن لام المستغاث لأجله فى مثل «يا لزيد لعمرو» متعلقة باسم محذوف تقديره مدعوّا لعمرو ، وكان ابن جنى يذهب إلى أنها متعلقة مع مجرورها بيا (٦). وكان يذهب إلى أن المضارع فى مثل «الهندان هما تفعلان» يجوز فيه التذكير والتأنيث أو بعبارة أخرى أن يبدأ بالتاء أو الياء حملا على اللفظ أو المعنى (٧).
أما ابن (٨) الطراوة فهو سليمان بن محمد بن الطراوة المتوفى سنة ٥٢٨ ه وهو نحوىّ مدينة المريّة وتلميذ الأعلم الشنتمرى ، كان علما فى العربية لعصره وتجوّل فى مدن الأندلس معلما يقبل عليه الطلاب من كل فجّ ، ومن مصنفاته فى النحو المقدمات على كتاب سيبويه. ويبدو أنه كان يقابله كثيرا على كتب الكوفيين والبغداديين منحازا إليهما ، أو بعبارة أدق متوسعا فى الاختيار من آرائهما. ومما اختاره من مذهب الكوفيين أن المعرفة أصل والنكرة فرع ، وكان سيبويه والجمهور يذهبون إلى العكس (٩). وذهب البصريون إلى أنه إذا تصدرت فى الجملة ظن وأخواتها لا يجوز إلغاء عملها بدون موجب للإلغاء ، وجوّز ذلك الكوفيون والأخفش
__________________
(١) الهمع ١ / ١٥٨.
(٢) المغنى ص ١٧١ والهمع ١ / ٢٣١.
(٣) الهمع ١ / ٢٢٤.
(٤) الهمع ١ / ٢٠٥.
(٥) المغنى ص ٦٦٧.
(٦) المغنى ص ٢٤٢.
(٧) الهمع ٢ / ١٧١.
(٨) انظر فى ترجمة ابن الطراوة بغية الملتمس ص ٢٩٠ والتكملة لابن الأبار ص ٧٠٤ وكتابه التحفة رقم ٤ والمغرب ٢ / ٢٠٨ وبغية الوعاة ص ٢٦٣.
(٩) الهمع ١ / ٥٥.