______________________________________________________
وعلمه بعدم قبول المكلفين ما جاء به لا يسقط عنه وجوب الجعل ، لقطع عذر المكلف ، وعلمه بعدم الأخذ غير كاف لقطع العذر ، وذلك بخلاف ما إذا جعل الإمام ونصبه ودل عليه وعينه وامتنع المكلف من القبول ، فإنه لا يبقى لأحد عذر في عدم العمل بالتكليف.
وحال نصب الإمام حال غيره من الألطاف التي لها مدخلية في حصول المكلف به ، كالقدرة ونحوها ، فإذا أقدره على الفعل ولم يفعل سقطت الحجة ، وانقطع العذر ، بخلاف ما إذا لم يجعل له قدرة وآلة ، وإن كان لو جعل لم يفعل فالحجة باقية ، والعذر متسع.
وقد ذكرت في المنظومة ، في مبدأ الحجة إلى التكليف وإرسال الرسل ما يفيد هنا ، فقلت :
وكان من عدالة الرحمن |
|
جعل التكاليف على الإنسان |
معرضا له بنفعه فلا |
|
يمنع عنه أنه لن يحصلا |
لذاك بث في الأنام رسلا |
|
فصلت الأنبياء عنهم جملا |
يدعونهم لطفا إلى الوصول |
|
إلى أيادي الخالق الجليل |
إذ كان إنزالهم في مرتبه |
|
وهو عليهم بالنفوس المذنبه |
غير حقيق بمفيض العقل |
|
أن يقرن الفاضل مع ذي الجهل |
والمخلص المطيع في الأفعال |
|
والكافر العاصي لذي الجلال |
وقد أشار إلى هذا في قوله تعالى : (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون * فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين).
والاختلاف مقتض للحجة |
|
من دون كشف واضح المحجة |