وكان يرى وجوب الثورة عليهم ، فناصر ثورة زيد الشهيد بكل ما يستطيع ، حتى أصدر فيه فتواه الشهيرة : «لقد ضاهى خروجه رسول الله في بدر».
وبعد استشهاد زيد ونهوض محمد ذي النفس الزكية بايعه أبو حنيفة وناصره سرا وعلانية ، وبقي على بيعته حتى مات في سجن المنصور (٨٢).
لأجل هذا أسقطت رؤية أبي حنيفة بالكامل عن نظرية أهل السنة ، وكأن هذه النظرية قد قامت على أساس قبول إمامة الفاسق والجائر والجاهل ، وكل قول لا ينسجم مع هذا فلا يحسب على أهل السنة ، ولا يعد قائله في أئمة أهل السنة الذين يرجع إليهم في مثل هذه المسألة!
الصورة الثانية : ومذهب عظماء السلف؟!
لم يكن هذا شأن أبي حنيفة وحده. بل هو شأن عظماء السلف أيضا ، فلا يذكر لهم اسم ، ولا يشرك لهم قول في هذه النظرية.
فلا ذكر للسبط الشهيد الإمام الحسين بن علي وثورته (٨٣) .. ولا لمئات المهاجرين والأنصار وبقية الصحابة في مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلم ونهضتهم على يزيد بن معاوية (٨٤) .. ولا عبد الله بن الزبير .. ولا الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين .. ولا الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي
__________________
(٨٢) أنظر : الملل والنحل ١ / ١٤٠ ، الكشاف ـ للزمخشري ـ : تفسير الآية ١٢٤ من سورة البقرة : (لا ينال عهدي الظالمين).
(٨٣) قتل الإمام الحسين عليهالسلام مع نيف وسبعين من أهل البيت والتابعين وفيهم الصحابي أنس بن الحارث الذي روى حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره» البداية والنهاية ٨ / ٢٠١ ، أسد الغابة ، والإصابة / ترجمة أنس بن الحارث.
(٨٤) قتل منهم ثمانون صحابيا ولم يبق بدري بعد ذلك ، وقتل من قريش والأنصار سبع مئة ، ومن التابعين والعرب والموالي عشرة آلاف ، وأبيحت المدينة ثلاثة أيام وانتهكت الأعراض حتى ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن!