يكن ظلماً من الله لذلك الداعي بل لأن الداعي بعد أن هداه الله النجدين نجد الخير ، ونجد الشر كما جاء في الآية الكريمة من قوله تعالى : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) (١) .
وعلم أن إقتراف هذه الذنوب نتيجته الحتمية للوقوع في هذا العقاب لأن القضاء إبرام ذلك التقدير ، ومع ذلك فقد أقدم ، وأذنب . ولهذا كان القضاء قد فرض العقاب من دون تأخير ، وإذاً فلا يلومن إلا نفسه ، لأن من أنذر فقد أعذر ، والإِنذار صدر من الأنبياء والمرسلين حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع :
« يا أيها الناس ، والله ما من شيء يقربكم من الجنة ، ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقربكم من النار ، ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه » .
« فتجاوزت بما جرى علي من ذلك بعض حدودك وخالفت بعض أوامرك » .
البعض من الشيء ، أو بعض كل شيء هو الجزء منه ، أو الطائفة منه ويجوز كونه أعظم من بقيته كالثمانية من العشرة .
أما الحد : فهو الحاجز بين الشيئين ، ومنتهى الشيء .
وحدود الله : طاعته ، وأحكامه الشرعية لمنعها من التخطي الى ما وراءها ومنه قوله تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ
__________________
(١) سورة البلد : آية (١٠) .