في المقام ، فما في
الدعاء الذي نشرحه ـ على ما أشرنا إليه من نسخة المجلسي من التعبير بالروح مع قطع
النظر عن سابقه كما أشرنا ؛ ضرورة عدم الحاجة إلى البراق في المعراج الروحاني ـ يمكن
أن يكون النظر فيه إلى إثبات أقل المراتب بطريق القدر المتيقن ، كما أن الاقتصار
على بيان المسير بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الآية الشريفة من هذا القبيل
؛ فإنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
ألا ترى أن الاُصوليين لم يعبؤوا بمفهوم
اللقب في محل ، وإلا لكان قولنا «محمد رسول الله» كفراً ؛ لاستلزامه أن عيسى ليس
برسول الله. [لا] سيما أن هذا الدعاء المسمى بـ «دعاء الندبة» في مقام الاستغاثة
والالتجاء في زمان الضيق والشدة وغلبة الخوف من الأعداء ولزوم مراعاة التقية ، فالمستحسَن
التكلم على حسب المشتهر بينهم ، كما عن عائشة اُمّ المؤمنين أن معراجه روحاني ما
فقد جسمه صلىاللهعليهوآله
في تلك الليلة .
ولكن على النسخة الاُخرى المروية في
مزار محمد بن المشهدي المعبَّر عنه في لسان المجلسي قدسسره
بـ «المزار الكبير» ، وفي المزار القديم المنسوب إلى القطب الراوندي ، وكذا في بعض
نسخ مصباح الزائر لابن طاووس ـ عليه الرحمة ـ هكذا : «وعرجت به إلى سماواتك» ـ كذا
قال الفاضل المعاصر القمي ـ دامت تأييداته ـ في كتابه السابق .
هذا كله مضافاً إلى إمكان إرادة الجسم
من الروح بنحو من التأويل ؛ إما للطافته حتى أنه لم يكن له ظلٌّ ـ على ما هو من
خصائص بدنه ـ فاستعير له الروح ، أو لكونه بمنزلة روح عالم الإمكان ، كما أن
الإمام قلب العالم ، إلى غير ذلك من التأويلات وإن كان بعضها بارداً قد ألجأ إليه
ضيق الخناق ؛ فراراً من مخالفة ما أطبقت عليه الإمامية ، بل ادعى في هدية الزائرين
أنّ كون المعراج جسمانياً من ضروريات الدين.
وفيما ذكرناه كفاية لمن تدبر (أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
، (وَمَن
لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) .
__________________