قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٥ ]

291/444
*

وصار حميدا إلى خير المنقلب ، ووفد من كرم الله على أفضل ما منح موقنا ووهب ، فقد ارتضاكم الله بعده لحياطة أرضه المقدّسة ، وحماية زوّار بيته مقيلة أو معرسة (١).

ونحن بعد بسط هذه التعزية ، نهنيكم بما خوّلكم الله أجمل التهنية ، وفي ذات الله الإيراد والإصدار ، وفي مرضاته سبحانه الإضمار والإظهار ، فاستقبلوا دولة ألقى العز عليها رواقه ، وعقد الظهور عليها نطاقه ، وأعطاها أمان الزمان عقده وميثاقه ، ونحن على ما عاهدنا عليه الملك الناصر رضوان الله عليه من عهود موثّقة ، وموالاة محقّقة ، وثناء كمائمه عن أذكى من الزهر غبّ القطر مفتّقه ، ولم يغب عنكم ما كان من بعثنا المصحفين الأكرمين اللذين خطتهما منا اليمين ، وأوت بهما الرغبة من الحرمين الشريفين إلى قرار مكين ، وإنه كان لوالدكم الملك الناصر تولاه الله برضوانه ، وأورده موارد إحسانه ، في ذلكم من الفعل الجميل ، والصنع الجليل ، ما ناسب مكانه الرفيع ، وشاكله فضله من البر الذي لا يضيع ، حتى طبّق فعله الآفاق ذكرا ، وطوّق أعناق الورّاد والقصّاد برا ، وكان من أجمل ما به تحفّى وأتحف ، وأعظم ما بعرفه إلى رضا الملك العلام في ذلك تعرف ، إذنه للمتوجهين إذ ذاك في شراء رباع توقف على المصحفين ، ورسم المراسم المباركة بتحرير ذلك الوقف مع اختلاف الجديدين (٢) ، فجرت أحوال القراء فيهما بذلك الخراج المستفاد ، ريثما يصلحهم من خراج ما وقفناه عليهم بهذه البلاد ، على ما رسمه رحمة الله عليه من عناية بهم متصلة ، واحترام في تلك الأوقاف فوائدها به متوفرة متحصّلة ، وقد أمرنا مؤدّي هذا لكما لكم ، وموفده على جلالكم ، كاتبنا الأسنى الفقيه الأجل ، الأحظي (٣) الأكمل ، أبا المجد ، ابن كاتبنا الشيخ الفقيه الأجل الحاج الأتقى ، الأرضي الأفضل ، الأحظى الأكمل ، المرحوم أبي عبد الله بن أبي مدين حفظ الله عليه رتبته ، ويسر في قصد البيت الحرام بغيته ، بأن يتفقد أحوال تلك الأوقاف ، ويتعرف تصرف الناظر عليها وما فعله من سداد وإسراف ، وأن يتخير لها من يرتضي لذلك ، ويحمد تصرفه فيما هنالك ، وخاطبنا سلطانكم في هذا الشأن ، جريا على الود الثابت الأركان ، وإعلاما بما لوالدكم رحمه الله تعالى في ذلك من الأفعال الحسان ، وكمالكم يقتضي تخليد ذلكم البر الجميل ، وتجديد عمل ذلكم الملك الجليل ، وتشييد ما اشتمل عليه من الشكر (٤) الأصيل ، والأجر الجزيل ، والتقدم بالإذن السلطاني في إعانة هذا الوافد بهذا الكتاب ، على ما يتوخاه في ذلك

__________________

(١) عرس المسافرون : نزلوا للاستراحة.

(٢) الجديدان : الليل والنهار.

(٣) الأحظى : الأكثر حظوة ومكانة. اسم تفضيل من الفعل حظي.

(٤) في ج «من الشراء الأصيل» وليس بشيء.