وله وهو مما يتغنّى به بالأندلس : [الكامل]
فذر العقيق مجانبا لعقوقه |
|
ودع العذيب عذيب ذات الخال |
أفق محلّى بالقواضب والقنا |
|
للأغيد المعطار لا المعطال |
حجبوك إلّا من توهّم خاطري |
|
وحموك إلّا من تصوّر بالي |
والقارظان جميل صبري والكرى |
|
فمتى أرجّي منك طيف خيال (١) |
ومن بدائعه قوله (٢) : [الكامل]
سامح أخاك إذا أتاك بزلّة |
|
فخلوص شيء قلّما يتمكّن |
في كلّ شيء آفة موجودة |
|
إنّ السّراج على سناه يدخّن (٣) |
وأنشد أحد الأدباء هذين البيتين متمثّلا ، فأعجبا المعتصم ، وسأل عن قائلهما ، فأخبر ، فتبسّم وقال : أتعرف إلى من أشار بهذا المعنى؟ قال : ما أعرف إلّا أنه مليح ، فقال المعتصم : كنت في الصّبا وهو معي ، ألقّب بسراج الدولة ، فقاتله الله ما أشعره ، فسلوه ، فلمّا باحثوه في ذلك أقرّ بحسن حدس المعتصم. واكتنفته سعايات ، وكان ممّن يغلب لسانه على عقله ، ففرّ من المريّة ، وحبس أخوه بها ، فقال : [الكامل]
الدهر لا ينفكّ من حدثانه |
|
والمرء منقاد لحكم زمانه (٤) |
وعلمت أنّ السّعد ليس بمنجح |
|
ما لا يكون السّعد من أعوانه |
والجدّ دون الجدّ ليس بنافع |
|
والرّمح لا يمضي بغير سنانه |
وبلغت الأبيات المعتصم فقال : شعره أعقل منه ، صدق فإنه لا يتهيّأ له صلاح عيش إلّا بأخيه ، وهو منه بمنزلة السّنان من الرمح ، ثم أمر بإطلاقه ولحاقه به.
ولمّا قال في المعتصم : [الكامل]
يا طالب المعروف دونك فاتركن |
|
دار المريّة وارفض ابن صمادح |
رجل إذا أعطاك حبّة خردل |
|
ألقاك في قيد الأسير الطائح |
لو قد مضى لك عمر نوح عنده |
|
لا فرق بينك والبعيد النازح |
__________________
(١) القارضان : يضرب بهما المثل فيمن لا يرجع.
(٢) انظر الذخيرة ص ٢٣٥.
(٣) السنا : الضوء.
(٤) حدثان الدهر : مصائبه.