فأتقنها ، ثم تعلّق بالأدب (١) حتى صار آية ، وهو القائل في ثريّا الجامع : [البسيط]
تحكي الثريّا الثريّا في تألّقها |
|
وقد عراها نسيم فهي تتّقد |
كأنها لذوي الإيمان أفئدة |
|
من التخشّع جوف الليل ترتعد |
وقال : [البسيط]
زرت الحبيب ولا شيء أحاذره |
|
في ليلة قد لوت بالغمض أشفارا |
في ليلة خلت من حسن كواكبها |
|
دراهما وحسبت البدر دينارا |
وقال في الثريا أيضا : [البسيط]
انظر إلى سرج في الليل مشرقة |
|
من الزجاج تراها وهي تلتهب |
كأنها ألسن الحيّات قد برزت |
|
عند الهجير فما تنفكّ تضطرب (٢) |
وقال : [الطويل]
ترى النّسر والقتلى على عدد الحصا |
|
وقد مزّقت أحشاءها والترائبا |
مضرّجة ممّا أكلن كأنها |
|
عجائز بالحنّا خضبن ذوائبا |
وقال ، وقد أبدع غاية الإبداع ، وأتى بما يحيّر الألباب ، وإن كان أبو نواس فاتح هذا الباب: [الطويل]
وكأس ترى كسرى بها في قرارة |
|
غريقا ولكن في خليج من الخمر |
وما صوّرته فارس عبثا به |
|
ولكنّهم جاؤوا بأخفى من السّحر |
أشاروا بما كانوا له في حياته |
|
فنومي إليه بالسجود وما ندري |
وما أحلى قوله (٣) : [الكامل]
الأقحوان رمى عليك ظلامة |
|
لمّا عنفت عليه بالمسواك (٤) |
لا يحمل النّور الأنيق تمسّه |
|
كفّ بعود بشامة وأراك |
وجلاؤه المخلوق فيه قد كفى |
|
من أن يراع عراره بسواك (٥) |
وقوله (٦) : [الوافر]
__________________
(١) في ه : «تعلق بالآداب».
(٢) الهجير : شدة الحر.
(٣) انظر الذخيرة ص ٢٦٢.
(٤) في ه : «الأقحوان أرى عليك ظلامة» تحريفا.
(٥) العرار : نبت طيب الرائحة.
(٦) انظر المغرب ج ٢ ص ٤٠.