مالك وأصحابه خمسة عشر كتابا اقتصر فيه على ما بالمفتي الحاجة إليه وبوّبه وقرّبه فصار مغنيا عن التصنيفات الطوال في معناه ، ومنها كتابه في الصحابة ليس لأحد من المتقدّمين مثله على كثرة ما صنّفوا في ذلك ، ومنها كتاب «الاكتفاء ، في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلاء ، والحجّة لكلّ واحد منهما» ومنها كتاب «بهجة المجالس ، وأنس المجالس ، ممّا يجري في المذاكرات ، من غرر الأبيات ونوادر الحكايات» ، ومنها كتاب «جامع بيان العلم وفضله ، وما ينبغي في روايته».
ومنها كتاب شيخنا القاضي أبي الوليد عبد الله بن يوسف بن الفرضي في المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال ، ولم يبلغ عبد الغني الحافظ البصري في ذلك إلّا كتابين ، وبلغ أبو الوليد رحمه الله تعالى نحو الثلاثين ، لا أعلم مثله في فنّه البتّة ، ومنها تاريخ أحمد بن سعيد (١) ، ما وضع في الرجال أحد مثله إلّا ما بلغنا من تاريخ محمد بن موسى العقيلي البغدادي ، ولم أره ، وأحمد بن سعيد هو المتقدّم في التأليف (٢) القائم في ذلك ، ومنها كتب محمد بن يحيى (٣) بن مفرج القاضي ، وهي كثيرة ؛ منها أسفار سبعة جمع فيها فقه الحسن البصري ، وكتب كثيرة جمع فيها فقه الزهري.
ومما يتعلّق بذلك شرح الحديث لعامر بن خلف السرقسطي ، فما شآه (٤) أبو عبيد إلّا بتقدّم العصر فقط.
ومنها في الفقه «الواضحة» والمالكيون لا تمانع بينهم في فضلها واستحسانهم إيّاها ، ومنها «المستخرجة من الأسمعة» وهي المعروفة بالعتبية ، ولها عند أهل إفريقية القدر العالي والطيران الحثيث ، والكتاب الذي جمعه أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام الإشبيلي المعروف بابن المكوي (٥) ، والقرشي أبو مروان المعيطي في جمع أقاويل مالك كلّها على نحو الكتاب «الباهر» الذي جمع فيه القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن الحدّاد البصري أقاويل الشافعي كلّها ، ومنها كتاب «المنتخب» الذي ألّفه القاضي محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة ، وما رأيت لمالكي قطّ كتابا أنبل منه في جمع روايات المذهب وشرح مستغلقها وتفريع
__________________
(١) هو أحمد بن سعيد الصدفي المتوفى سنة ٣٥٠. له كتاب في تاريخ الرجال. (انظر الجذوة : ١١٧ ، وابن الفرضي ١ : ٥٥).
(٢) في ب ، ه : «المتقدم إلى التأليف».
(٣) في ب : «محمد بن أحمد بن يحيى ...».
(٤) شآه : فاقه.
(٥) في الأصول : «ابن الكوى» والتصويب عن الجذوة والصلة.