وكان لزرياب جارية
اسمها متعة ، أدّبها وعلّمها أحسن أغانيه حتى شبّت ، وكانت رائعة
الجمال ، وتصرّفت بين يدي الأمير عبد الرحمن بن الحكم تغنّيه مرّة وتسقيه أخرى ،
فلمّا فطنت لإعجابه بها أبدت له دلائل الرغبة ، فأبى إلّا التستّر ، فغنّته بهذه
الأبيات ، وهي لها في ظنّ بعض الحفّاظ : [بحر المجتث]
يا من يغطّي
هواه
|
|
من ذا يغطّي
النهارا
|
قد كنت أملك
قلبي
|
|
حتى علقت فطارا
|
يا ويلتا أتراه
|
|
لي كان ، أو
مستعارا
|
يا بأبي قرشيّ
|
|
خلعت فيه
العذارا
|
فلما انكشف لزرياب
أمرها أهداها إليه ، فحظيت عنده .
وكانت حمدونة بنت
زرياب متقدّمة في أهل بيتها ، محسنة لصناعتها ، متقدّمة على أختها علية ، وهي زوجة
الوزير هاشم بن عبد العزيز كما مرّ ، وطال عمر علية بعد أختها حمدونة ،
ولم يبق من أهل بيتها غيرها ، فافتقر الناس إليها ، وحملوا عنها.
وكانت مصابيح
جارية الكاتب أبي حفص عمر بن قلهيل أخذت عن زرياب الغناء ، وكانت غاية في الإحسان
والنبل وطيب الصوت ، وفيها يقول ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد ، وكتب به إلى
مولاها : [بحر البسيط]
يا من يضنّ بصوت
الطائر الغرد
|
|
ما كنت أحسب هذا
الضّنّ من أحد
|
لو أنّ أسماع
أهل الأرض قاطبة
|
|
أصغت إلى الصوت
لم ينقص ولم يزد
|
من أبيات ، فخرج
حافيا لمّا وقف على ذلك ، وأدخله إلى مجلسه ، وتمتّع من سماعها ، رحم الله تعالى
الجميع!.
وقال علويه : كنت
مع المأمون لمّا قدم الشام ، فدخلنا دمشق ، وجعلنا نطوف فيها على أماكن بني أمية ، فدخلنا قصرا مفروشا بالرخام الأخضر ، وفيه بركة
يدخلها الماء ويخرج منها
__________________