من أهل مرسية (١) ، سمع صهره أبا علي ابن سكرة الصّدفي ، وكانت بنته عند أبي علي ، ولازمه ، وأكثر عنه ، وروى عن أبي محمد بن مفوّز الشاطبي وأبي الحسن بن شفيع ، قرأ عليهما الموطأ ، ورحل ، وحج ، وسمع السنن من الطرطوشي ، وعني بالرواية ، وانتسخ صحيحي البخاري ومسلم بخطه ، وسمعهما على صهره أبي علي ، وكانا أصلين لا يكاد يوجد في الصحة مثلهما ، حكى الفقيه أبو محمد عاشر بن محمد أنه سمعهما على (٢) أبي علي نحو ستين مرة ، وكتب أيضا الغريبين للهروي ، وغير ذلك ، وكان أحد الأفاضل الصلحاء ، والأجواد السّمحاء ، يؤم الناس في صلاة الفريضة ، ويتولى القيام بمؤن صهره أبي علي وبما يحتاج إليه من دقيق الأشياء وجليلها ، وإليه أوصى عند توجّهه إلى غزوة كتندة التي فقد فيها سنة أربع عشرة وخمسمائة ، وكانت له مشاركة في علم اللغة والأدب ، وقد حدث عنه ابن أخيه القاضي أبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة بكتاب «أدب الكتاب» (٣) لابن قتيبة ، و «بالفصيح» لثعلب.
١٤٣ ـ ومنهم أبو محمد عبد الله بن طاهر ، الأزدي.
من أهل وادي آش ، له رحلة إلى المشرق أدى فيها الفريضة ، وسمع بدمشق من أبي طاهر الخشوعي مقامات الحريري وابن عساكر وغيرهما ، ثم قفل إلى بلده ، انتهى ملخصا من ابن الأبار.
وحكى الصفدي أن ابن المستكفي اجتمع بالمتنبي بمصر ، وروى عنه شيئا من شعره ، ومما روى عنه أنه قال : أنشدني المتنبي لنفسه : [السريع]
لا عبت بالخاتم إنسانة |
|
كمثل بدر في الدّجى الفاحم |
وكلّما حاولت أخذي له |
|
من البنان المطرف النّاعم (٤) |
ألقته في فيها فقلت : انظروا |
|
قد خبّت الخاتم في الخاتم |
١٤٤ ـ ومن الراحلين من الأندلس إلى المشرق أبو عبد الله بن مالك.
صاحب التسهيل والألفية (٥) ، وهو : جمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن
__________________
(١) أصله من بلنسية ، ولما استولى عليها الروم سنة ٤٨٦ انتقل إلى مرسية.
(٢) في ب : أنها سمعها على ...
(٣) هكذا اشتهر اسم هذا الكتاب بالأندلس ، وهو معروف في المشرق باسم : أدب الكاتب.
(٤) في ب : من البنان المترف الناعم.
(٥) انظر في بغية الوعاة ج ١ ص ١٣٠ ـ ١٣٧.