أضعاف محفوظه من
مستعملها ، وكان قصده ـ والله تعالى أعلم ـ أن ينفرد بنوع يشتهر به دون غيره ، كما
فعل كثير من الأدباء حيث تركوا طريق المعرب وانفردوا بالطريق الآخر ، ولو سلكوا
طريق المعرب لكانوا فيه كآحاد الناس ، وكذا الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له رسائل
ومخاطبات كلها مغلقات مقفلات ، وكان ـ رحمه الله تعالى! ـ إذا كتب اسمه فيما يجيزه
أو غير ذلك يكتب «ابن دحية ودحية معا المتشبّه به جبريل وجبرائيل» ، ويذكر ما ينيف
على ثلاث عشرة لغة مذكورة في جبريل ، ويقول عند فاطر السماوات والأرض ، وهذا فرع
انفرد به عمن عداه من أهل العلم.
قال صاحب عنوان
الدراية : رأيت له تصنيفا في رجال الحديث لا بأس به ، وارتحل إلى المشرق في دولة
بني أيوب ، فرفعوا شأنه ، وقربوا له مكانه ، وجمعوا له علماء الحديث ، وحضروا له
مجلسا أقروا له بالتقدم ، وعرفوا أنه من أولي الضبط والإتقان والتفهم ، وذكروا
أحاديث بأسانيد حولوا متونها ، فأعاد المتون المحولة ، وعرّف عن تغييرها ، ثم ذكر
الأحاديث على ما هي عليه من متونها الأصلية ، ومثل هذه الحكاية اتفق لأبي عمر بن
عات في كتاب مسلم بمراكش ببيت الطلبة منها.
ومن شعر أبي
الخطاب ما كتب به إلى الكامل بن العادل بن أيوب : [الكامل]
ما لي أسائل برق
بارق عنكم
|
|
من بعد ما بعدت
دياري منكم
|
فمحلّكم قلبي
وأنتم بالحشا
|
|
لا بالعقيق ولا
برامة أنتم
|
وأنا المقيم على
الوفاء بعهدكم
|
|
يا مالكين ،
وفيتم أو خنتم
|
وهي طويلة ، ومنها
:
رفعت له الأملاك
منه سجيّة
|
|
ملك السّماك
الرّمح وهو محرّم
|
ومنها أيضا :
لذوي النّهى
والفهم سرّ حكومة
|
|
قد حار فيها
كاهن ومنجّم
|
فاقصد مرادك حيث
سرت مظفّرا
|
|
والله يكلأ
والكواكب نوّم
|
وليهنك الشّهر
السّعيد تصومه
|
|
وتفوز فيه
بالثّواب وتغنم
|
فلأنت في
الدّنيا كليلة قدره
|
|
قدرا ، فقدرك في
الملوك معظّم
|
فأجابه السلطان
مكافأة بنثر ونظم ، فمن النظم : [الطويل]
وهيّجن شوقي
للأجارع باللّوى
|
|
وأين اللّوى
منّي وأين الأجارع
|