كثيرا من البلاد وانتسفها ، وفتح كثيرا من حصونهم ، وصالح بعضها على الجزية وإطلاق أسرى المسلمين ، وانصرف ظافرا.
وفي سنة أربع وعشرين بعث قريبه عبيد الله بن البلنسي في العساكر لغزو ألبة والقلاع ، فسار ولقي العدوّ فهزمهم وأكثر القتل والسّبي ، ثم خرج لذريق ملك الجلالقة ، وأغار على مدينة سالم (١) بالثغر ، فسار إليه فرتون بن موسى ، وقاتله ، فهزمه وأكثر القتل والسبي في العدوّ والأسر ، ثم سار إلى الحصن الذي بناه أهل ألبة بالثغر نكاية للمسلمين ، فافتتحه وهدمه ، ثم سار عبد الرحمن في الجيوش إلى بلاد جلّيقية ، فدوّخها وافتتح عدّة حصون منها ، وجال في أرضهم ، ورجع بعد طول المقام بالسبي والغنائم.
وفي سنة ستّ وعشرين بعث عبد الرحمن العساكر إلى أرض الفرنجة ، وانتهوا إلى أرض برطانية (٢) ، وكان على مقدمة المسلمين موسى بن موسى عامل تطيلة ، ولقيهم العدوّ ، فصبر حتى هزم الله عدوّهم ، وكان لموسى في هذه الغزاة مقام محمود.
وفي سنة تسع وعشرين بعث ابنه محمدا بالعساكر ، وتقدّم إلى ينبلونة (٣) ، فأوقع بالمشركين عندها ، وقتل غرسية صاحبها ، وهو من أكبر ملوك النصارى.
وفي أيامه ظهر المجوس ، ودخلوا إشبيلية ، فأرسل إليهم عبد الرحمن العساكر مع القوّاد من قرطبة ، فنزل المجوس من مراكبهم ، وقاتلهم المسلمون ، فهزموهم بعد مقام صعب ، ثم جاءت العساكر مددا من قرطبة فقاتلهم المجوس ، فهزمهم المسلمون وغنموا بعض مراكبهم وأحرقوها ، ورحل المجوس إلى شذونة فأقاموا عليها يومين ، وغنموا بعض الشيء ، ووصلت مراكب عبد الرحمن إلى إشبيلية فأقلع المجوس إلى لبلة ، وأغاروا وسبوا ، ثم إلى باجة ثم أشبونة ، ثم انقطع خبرهم حين أقلعوا من أشبونة ، وسكنت البلاد ، وذلك سنة ثلاثين ، وتقدّم عبد الرحمن بإصلاح ما خرّبوه من البلاد ، وأكثف حاميتها.
وفي سنة إحدى وثلاثين بعث العساكر إلى جليقية فدوّخوها ، وحاصروا مدينة ليون (٤) ورموها بالمجانيق ، وهرب أهلها عنها وتركوها ، فغنم المسلمون ما فيها وأحرقوها ، وأرادوا
__________________
(١) قال ابن سعيد : مدينة سالم بالجهة المشهورة بالثغر من شرقي الأندلس ، قال : وهي مدينة جليلة ، وقال في تقويم البلدان : إن بها قبر المنصور بن أبي عامر (الصبح ٥ : ٢٢٨).
(٢) في ب : بربطانية.
(٣) في ب : بنبلونة.
(٤) مدينة ليون : مدينة في شمال الأندلس من بلاد الجلالقة.