عليها ، ومحا منها التوحيد واسمه ، وكتب على مشاهدها ومعاهدها وسمه ، وقرّر مذهب التثليث والرأي الخبيث لديها ، واستغاثة من بها بالنظم والنثر ، أهل ذلك العصر ، من سائر الأقطار ، حين تعذّرت بحصارها ، مع قلّة حماتها وأنصارها ، المآرب والأوطار ، وجاءها الأعداء من خلفها ومن بين يديها ، أعاد الله تعالى إليها كلمة الإسلام ، وأقام فيها شريعة سيّد الأنام ، عليه أفضل الصلاة والسلام ، ورفع يد الكفر عنها وعمّا حواليها ، آمين.
ولم أخل بابا في هذا القسم من كلام (١) للسان الدين بن الخطيب وإن قلّ ، مع أن القسم الثاني بذلك كما ستقف عليه قد استقلّ ، وهذا آخر ما تعلّق بالقسم الأول ، وعلى الله سبحانه المتّكل والمعوّل.
القسم الثاني : في التعريف بلسان الدين بن الخطيب ، وذكر أنبائه التي يروق سماعها ، ويتأرّج نفحها ويطيب ، وما يناسبها من أحوال العلماء الأفراد ، والأعلام الذين اقتضى ذكرهم شجون الكلام والاستطراد ، وفيه أيضا من الأبواب ثمانية ، موصلة إلى جنّات أدب قطوفها دانية ، وكلّ غصن منها رطيب :
الباب الأول : في ذكر (٢) أولية لسان الدين وذكر أسلافه ، الذين ورث عنهم المجد وارتضع درّ أخلافه (٣) ، وما يناسب ذلك مما لا يذهب المنصف إلى خلافه.
الباب الثاني : في نشأته وترقّيه ووزارته وسعادته ، ومساعدة الدهر له ثم قلبه له ظهر المجنّ (٤) على عادته ، في مصافاته ، ومنافاته ، وارتباكه ، في شباكه ، وما لقي من إحن (٥) الحاسد ، ذي المذهب الفاسد ، ومحن الكائد (٦) المستأسد وآفاته ، وذكر قصوره وأمواله ، وغير ذلك من أحواله ، في تقلّباته عندما قابله الزمان بأهواله ، في بدئه وإعادته إلى وفاته.
الباب الثالث : في ذكر مشايخه الجلّة ، هداة الناس ونجوم الملّة ، وما يتّصل بذلك من الأخبار الشافية للعلّة ، والمواعظ المنجية من الأهواء المضلّة ، والمناسبات الواضحة البراهين والأدلّة.
__________________
(١) في ب : من كلام لسان الدين.
(٢) في ب : سقطت (ذكر).
(٣) الدّر ـ بفتح الدال ـ اللّبن : والأخلاف : الضروع.
(٤) قلب له ظهر المجن : أي أظهر له العداوة والبغضاء.
(٥) الإحن : جمع إحنة : الحقد والغضب.
(٦) في ب : الكايد.