النّار !
فقال له رجل منهم : إلاّ ترى يا حسين
إلى ماء الفرات يلوح كأنّه بطون الحيّات ، والله لا تذوق منه قطرة أو تموت عطشاً !
فقال الحسين عليهالسلام : « اللّهم أمته عطشاً ».
قال : والله لقد كان ذلك الرجل يقول : اسقوني
ماء فيؤتى له بعسّ من الماء لو شرب منه خمسة لكفاهم ، فيشرب حتّى يثغر ثمّ يقول : اسقوني قتلني العطش ! فلم
يزل كذلك حتّى مات لا رحمه الله .
قال : ثمّ رماه حرملة بن كاهل فوقع
السهم في جبهته ، فسالت الدماء على وجهه ولحيته ، فانتزع السهم وهو يقول : « اللهمّ إنك ترى ما
يصنع بي هؤلاء العصاة ، اللهمّ فاحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على وجه
الأرض منهم أحداً ، ولا تغفر لهم أبداً ».
ثمّ حمل عليهم في أمرّ ساعة من ساعات
الدنيا فجعل لا يلحق بأحد منهم إلاّ اختطف رأسه بسيفه عن جسده ، والسهام تأخذه من
كلّ مكان ، وهو يلتقيها بصدره ونحره ويقول : « يا أمّة السوء ، بئسما خلفتم محمّداً في
عترته ، أما إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله فتهابوا قتله بل يهون عليكم
قتلكم إيّاي ذلك ، وأيم الله إنّي لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة ».
قال : ثمّ إنّه لم يزل يقاتل حتّى أصابه
ـ كما نقل ـ ألف وتسع مئة جراحة ، وكانت السهام في جلده كالشوك في جلد القنفذ ، وروي
أنّها كانت كلّها في مقدّمه ، فوقف يستريح إذ أتاه حجر فوقع في جبهته ، فأخذ الثوب
ليمسح عن وجهه فأتاه سهم محدود مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره ، وقيل : في
قلبه ، فقال عليهالسلام : « بسم الله وبالله
وعلى ملّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ».
ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : «
إلهي ، إنّك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبيّ
__________________