عن حس لكنّه لا ينقل قول الإمام عن حس وإنّما ينقله عن حدس ، ودليل حجّية قول الثقة لا يشمل ما ينقله المخبر لا عن حس.
فإن قلت : إنّ الإخبار عن حدس إذا كان مستنداً إلى الحس ، الملازم للمخبر به عند الناقل والمنقول إليه ، فهو حجّة ، كما إذا أخبر عن الشجاعة والعدالة اللّتين هما من الأُمور النفسانية غير المحسوسة مستنداً إلى مشاهداته في ميدان القتال وتورّعه عن المحرّمات والمشتبهات ، فليكن الإجماع المنقول بخبر الواحد من هذا النوع من الخبر فانّ الناقل وإن لم يخبر عن قول الإمام عن حس وإنّما يخبر عنه عن حدس لكن حدسه مستند إلى اتّفاق العلماء الذي هو أمر محسوس ، وهو عند الناقل والمنقول إليه ملازم لوجود الدليل المعتبر للعلماء في إفتائهم.
قلت : ما ذكرته صحيح إذا بذل الناقل جهده لتحصيل مثل ذلك الاتّفاق الذي لا يفارق الحجّة وأنّى لأكثر الناقلين للإجماع هذا النوع من تحصيل الجهد ، فإنّ غالب نَقَلَة الإجماع يتساهلون في نقل الإجماع ، وربما يكتفون في ادّعاء الإجماع بالعثور على فتوى جماعة قليلة من دون أن يكون هناك ملازمة بين الاتّفاق والدليل المعتبر.
فإذا كان هذا هو الحال في أغلب الإجماعات الدارجة على ألسن الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين ، فلا يصحّ الاعتماد عليه إذ ليس هناك أيّة ملازمة بين السبب (الاتفاق الذي حصَّله الناقل) والمسبب (قول المعصوم أو الدليل المعتبر).
نعم لو كان الناقل ممّن لا يدّعي الإجماع إلّا بعد تتبع تام في المصادر ، وكانت المسألة من المسائل المعنونة في العصور السابقة يمكن الاعتماد على إخباره عن الإجماع الملازم لقول المعصوم أو الحجّة المعتبرة ، وهو بين نقلة الإجماع نادر جدّاً.
وأقصى ما يمكن أن يقال انّ الإجماعات المنقولة تصدّ الفقيه عن التسرّع بالفتوى إلّا بعد التتبع التام في كلمات العلماء لتُعرف مدى صحّة الإجماع.