تعالى ، فإطلاق الأمير والسلطان والحاكم على هؤلاء المتسمّين بالخلفاء أولى وأصحّ من اسم الخليفة ، فضلا عن خليفة الله تعالى أو خليفة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والذهن المستقيم والذوق السليم وإن كان من غير شيعة العترة الطاهرة يأبى ذلك حتى بالتجوّز والمسامحة ، ويتساءل ما هو المجوّز لإطلاق «خليفة الرسول» على مثل عثمان ومعاوية ويزيد والوليد وامراء بني العباس وآل عثمان وغيرهم من المتسمّين بالخليفة في دمشق وبغداد والأندلس وغيرها.
وبالجملة فإنّ لقب «خليفة الله» لقب رفيع شامخ ، وكذا لقب «الخليفة» لا يطلق ولا يصح إطلاقه إلّا على صاحب منصب الخلافة الإلهية في الأرض الذي اختاره الله تعالى لإقامة العدل والمثل الإنسانية العليا وإنفاذ أحكامه وعمارة بلاده وإفاضة الخير وحفظ كيان الشريعة ومعالم الحقّ.
ولا يصح إطلاقه على غيره حتى بالتجوّز والمسامحة ، ولوضوح عدم صحة ذلك قال أبو بكر لما قيل له : «يا خليفة الله» قال : بل خليفة محمد ، أو قال : أنا خليفة رسول الله (١) ، ولكن تلقيبه نفسه أيضا بخليفة محمّد أو خليفة رسول الله لم يكن على وجه الحقيقة ، لأنّ الخلافة كما سمعت هي النيابة عن الغير فلا تتمّ إلّا باستنابة ذلك الغير واستخلافه ، والمتّفق عليه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف أبا بكر ولم يوص له ، ولم يكن جلوسه مجلسه واستيلاؤه على منبره ومحرابه ، وما كان تحت يده باستنابته.
وعلى القول بأنّ أمر الحكومة وتعيين الحاكم والوالي راجع إلى الأمّة
__________________
(١) ـ مسند أحمد : ج ١ ص ١٠.