عليهم بصيغة الاستفهام وبأسئلة لا جواب لها إلا الإذعان والتسليم ، وهي :
١ ـ (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)؟ أيهما خير وأعظم ، الله جلت كلمته أم الأوثان وما اليها مما تعبدون؟
الجواب : الله ، ما في ذلك ريب حتى عند المشركين ، لأنهم لا بنكرون وجود الخالق ، وانما يدعون معه إلها آخر.
٢ ـ (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بنظامهما وترتيبهما الدقيق العجيب الذي يدل على ارادة عليم حكيم (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) ينزل المطر من السماء بأسبابه الطبيعية ، وأيضا تنبت الأرض من كل زوج بهيج بالأسباب الطبيعية ، وبما ان الله سبحانه هو الذي خلق الطبيعة بكل ما فيها صح إسناد المطر والانبات وغيرهما اليه تعالى (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) بل ولا أن تعرفوا مصدر الحياة في النبات وغيره إلا إذا فسرتموه بوجود إله قادر يقول للشيء (كُنْ فَيَكُونُ) ومثله قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) ـ ٦٤ الواقعة. (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) تزعمون انه أعانه على خلق السموات والأرض ، وإنزال الغيث ، وإنبات الحدائق؟ (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) عن الحق لأنهم يساوون بين الله وغيره.
٣ ـ (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) أي مستقرة على ما هي عليه في شكلها وحجمها وعناصرها ومركزها ، وما الى ذلك مما لا يكون الا بتصميم من خبير عليم (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) ينتفع بها الخلائق (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) كيلا تميد بكم (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) المراد بالبحرين الماء المالح والماء العذب ، وبالحاجز انخفاض مكان الأول عن مكان الثاني ، ولو انعكس الأمر لفسد الماء العذب. أنظر ما قلناه في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) ـ ٥٥ الفرقان. (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) شاركه في ذلك (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أما غير الأكثر فإنهم يعلمون ، ولكنهم يكابرون ويعاندون خوفا على مكاسبهم.
٤ ـ (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ). إن الله سبحانه يمد بالعون والتوفيق من يلجأ اليه ، ويتوكل عليه ، فيهيئ له الأسباب التي يبلغ بها