كان أو أمة فله أن يكاتبه ، أي يتفق معه على أن يؤدي المملوك مبلغا من المال في وقت معين قسطا واحدا ، أو أقساطا ، فان أداه كاملا الى سيده يصبح المملوك حرا ، وإذا أدى البعض أعتق منه بقدر ما أدى ان كان العقد مطلقا غير مشروط بتأدية الجميع ، والا لم يعتق منه شيء ، وقيل : العبد لا يتبعض ، إما ان يتحرر كاملا ، واما ان يكون رقا كذلك ، ويستحب للسيد ان يحط عن المملوك شيئا من المال المتفق عليه ، وهذا هو المراد بقوله تعالى: (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ) وقد اصطلح الفقهاء على تسمية هذه المعاملة بين المملوك وسيده بالمكاتبة لقوله تعالى : (يَبْتَغُونَ الْكِتابَ .. فَكاتِبُوهُمْ).
(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا). المراد بالفتيات هنا الإماء ، ولا وجود لهن في هذا العصر ، والبغاء الزنا .. وكان أهل الجاهلية يكرهون الإماء والجواري على الزنا التماسا للمال ، فنهى سبحانه عن ذلك.
وتسأل : ان الظاهر من قوله تعالى : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ان إكراه الأمة على الزنا انما يحرم إذا أرادت العفة والصون ، أما إذا أرادت الزنا ورغبت فيه فلا بأس أن تزني ، مع العلم بأن الزنا محرم في شتى الأحوال؟.
الجواب : ان المعنى المراد من أداة الشرط يختلف باختلاف المقاصد والقرائن ، فقد يكون المراد بأداة الشرط مثل (ان) و (إذا) القيد والتعليق حقيقة وواقعا أي ان يقصد المتكلم تحقيق المشروط عند وجود شرطه ، وعدمه عند عدمه ، ومثال ذلك أن تقول لصاحبك : ان فعلت أنت هذا فعلت أنا مثله. فقد علقت فعلك على فعل صاحبك ، وجعلت فعله شرطا لفعلك بحيث إذا لم يفعل هو لم تفعل أنت.
وقد يقصد المتكلم بأداة الشرط مجرد بيان الموضوع من غير تعليق شيء على شيء ، مثل ان تقول لصاحبك : ان رزقت ولدا فلا تشتر له دراجة ، فأنت لا تريد بكلمة (ان) هنا القيد والتعليق ، وإنما أردت إبداء رأيك وكراهيتك أن يركب الأولاد الدراجة ، ولو أردت الشرط والقيد لكان المعنى ان لم ترزق ولدا فاشتر لولدك دراجة .. وهذا هو الهذيان بعينه ، وقوله تعالى : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) من هذا الباب أي ان كلمة (ان) لا يراد بها القيد والشرط ، بل