مبتدأ والخبر محذوف. ومثله أن تتخذ أي إما التعذيب واقع منك وإما اتخاذ الأمر الحسن واقع منك. وجزاء الحسنى قرئ برفع جزاء من غير تنوين ، وعليه فجزاء مبتدأ مؤخر والحسنى مجرورة بالاضافة وله خبر مقدم ، وقرئ بنصب جزاء مع التنوين ، وعليه فالحسنى مبتدأ وله خبر وجزاء حال من ضمير له مثل : في الدار قائما زيد. وكذلك خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك.
المعنى :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً). اختلفوا في ذي القرنين هذا من هو؟. قيل : انه كان ملكا من الملائكة ، وهذا غريب. وقيل : بل هو نبي. وعن الإمام علي (ع) انه عبد صالح. ولا ريب في صلاحه ، لأن أفعاله وأقواله التي سجلها الله في كتابه تشهد له بالفضل والصلاح. وقيل : هو إسكندر المقدوني تلميذ أرسطو ، وكان قبل الميلاد بنحو ٣٣٠ سنة .. وهذا أغرب الأقوال لأن إسكندر المقدوني وثني يعبد الأصنام ، وذو القرنين يؤمن بالله واليوم الآخر ، ونقل الرازي وأبو حيان الأندلسي عن أبي الريحان البيروني ان ذا القرنين عربي يمني من قبيلة حمير ، واسمه أبو بكر.
وأيضا اختلفوا : لما ذا لقب بذي القرنين؟. فقيل : لأنه كريم الأبوين ، وقيل : كانت له ضفيرتان ، وقيل : لأنه ملك الشرق والغرب ، الى غير ذلك من الأقوال والخلافات التي لا تمت الى مقاصد القرآن بسبب .. ومتى اهتم القرآن بالأسماء وأسباب التسمية؟ ولو كان فيها شيء من النفع والخير لما سكت عنها. فغريب من المفسرين أن يشغلوا أنفسهم والناس معهم بما لا خير فيه دنيا وآخرة. ومن أجل هذا نقف عند ظاهر النص ، ونقول : ان أناسا سألوا الرسول الكريم (ص) عن رجل يقال له ذا القرنين ، فأمره الله سبحانه أن يقول للسائلين : سأخبركم بطرف من سيرته.
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً). والمراد بالسبب هنا كل ما يتوصل به الإنسان الى ما يطلبه ويبتغيه ، كالعلم والقدرة والصحة والمال والرجال والآلات ، وفوق ذلك توفيق الله وعنايته ، وقد توافرت هذه القوى