|
« منيت بمن لا يطيع إذا أمرتُ ، ولا
يجيب إذا دعوتُ ، لا أبا لكم ، ما تنظرون بنصركم ربكم ؟ ! أما دين يجمعكم ولا حميّة تحمشكم ؟ ! أقوم فيكم مستصرخاً ، وأُناديكم متغوّثاً ، فلا تسمعون لي قولاً ولا تطيعون لي أمراً . . .
فما يدرك بكم ثأر ، ولا يبلغ بكم مرام » .
|
فهكذا
إذن بدأ هذا الرجل الذي يحمل على كتفيه ثقل هذه المرحلة التاريخيّة الصعبة ، يدرك أنّه يحارب في معركة خاسرة . وأنّ القدر اختاره ليكون الشاهد عليها وعلى الإِنسانية المغلوبة على أمرها ، الطامحة أبداً إلى تجاوز واقعها وتثبيت
ميزان العدل فيه .
وفي
ضوء هذا الإِدراك السامي نفهم فهماً ممتازاً مثل قولته في ( النهج ) :
|
« أما والذي خلق الحبّة وبرأ النسمة ،
لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء ألّا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه عندي أهون من عفطة عنز » .
|
وما
العدل ، إن لم يكن ، في معانيه المتّسعة ، لباب الدين والسياسة والاجتماع ؟ ! ومن يبيّنه وينهض له إلّا الّذين استعلوا على شهوات أنفسهم ؟ ! وهل العدل في النفس
إلّا تثبيتها على جادّة الحقّ ؟ ! وهل يقوم للإِنسان معنى بغير العدل والمجاهدة
فيه ؟ ! وهل يكون للحياة وللوجود معنى بغير العدل الذي هو أساس توازنهما ؟ ! وكيف يقوم العدل إلّا بالإِرادة التي هي لبّ العقل ؟ !
فتطهير
النفوس ، في آخر الأمر ، يعني تهيئتها ، لتقيم هي مجتمع العدل . ولستُ أجد في كتاب ( النهج ) معنى يتّصل بسياسة الناس في أنفسهم وأموالهم وأهليهم ومن يكرهون ومن يحبّون إلّا والعدل أساسه :
|
« اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتى
يكون له منها واعظ وزاجر لم يكن له من غيرها زاجر ولا واعظ » .
« والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة ،
بما تحت أفلاكها ، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت . . . نعوذ بالله من سبات العقل وقبح
|