يوما. وأن يقلعوا عن ذنوبهم ، وأن يرتدوا المسموح ، ويصلوا لله ليعفوا عنهم.
ومثل هذا قرأنا أيضا في كتاب الملك والنبي «داود» بعد أن أحصى عدد أفراد شعبه. فقد وردت فقرة في الفصل العاشر من إنجيل «لوقا» وفي أماكن أخرى ، أنهم كانوا يلبسون المسوح ويفترشون الرماد.
بعد أن أعددنا أنفسنا على هذه الشاكلة للسفر ، وتزودنا بكل الأشياء الضرورية من سلع وملابس ومؤن من الخبز والشراب ، مكثنا ننتظر بعض الرفاق الذين قد يسافرون معنا ، بقينا ـ مع ذلك ـ مترددين فيما إذا كان من الملائم أكثر لنا أن نسافر برا مع القوافل التي كانت تنطلق من هنا ومن دمشق بكثرة إلى بغداد عبر رمال وصحاري واسعة في مدى خمسين يوما ، وقد تزيد أو تقصر ، تبعا للأحوال الجوية ، أو أن نسافر بطريق النهر في دجلة أو الفرات حين تحين فرصة السفر مع الآخرين.
لكن الشيء الذي حدث هو أن التقينا ببعض التجار من الأرمن الذين كانوا يسكنون في «حلب» والذين تزودوا بالسلع أيضا واعتزموا السفر إلى ذات الأقطار التي نقصدها ، وإذ ذاك اغتنمنا هذه الفرصة لأن هؤلاء كانوا من ناحية يعرفون اللغتين التركية والعربية وهما اللغتان السائدتان بصفة رئيسة في سوريا ، ومن ناحية ثانية لأن البعض منهم سبق له أن سافر أربع مرات إلى الهند ، وهكذا ضممنا بضائعنا إلى بضائعهم وأوسقنا بها عددا كبيرا من الإبل على أن تسلم إلينا في مدينة «بير» لنمخر من هناك نهر الفرات.
ولما كنا سوف نجتاز الممالك التركية فقد حصلنا على جواز مرور من الباشا والقاضي ، وهكذا بدأنا سفرتنا إلى «بير» التي تبعد مسيرة ثلاثة أيام عن حلب ، في اليوم الثالث عشر من شهر آب ١٥٧٤ م.