كدعوى أنّ الجمع بالتقييد إنّما يتعيّن إذا انحصر طريق الجمع فيه ، ولم يكن في المقام حمل أقرب منه ، مع أنّ الجمع بحمل أخبار المشهور على الفضل ممكن ، بل وأقرب .
وذلك لقوة أخبارنا بالاستفاضة القريبة من التواتر أيضاً ، وانجبارها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل لعلّها من المتأخّرين إجماع في الحقيقة ، وقد عرفت استشعاره من عبارة الماتن في المعتبر (١) . ومع ذلك كثير منها في المدعى صريحة ، ولا سيّما الدال منها على تفسير استتار القرص بذهاب الحمرة .
ومع ذلك مخالفة لما عليه الجمهور كافّة ، كما صرّح به جماعة ، ومنهم الفاضل في المنتهى والتذكرة (٢) ، فقال ـ مشيراً إلى قول المبسوط وهو قول الجمهور ـ : ويستفاد ذلك من كثير من النصوص ، منها ـ زيادةً على ما يأتي ـ رواية أبان بن تغلب وربيع بن سليمان وأبان بن أرقم وغيرهم ، قالوا : أقبلنا من مكة حتى إذا كنّا بواد الأخضر ، إذاً نحن برجل يصلّي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس ، فوجدنا في أنفسنا ، فجعل يصلّي ونحن ندعو عليه ، حتى صلّى ركعةً ونحن ندعو عليه ونقول : هذا من شباب المدينة ، فلمّا أتينا إذاً هو أبو عبد الله عليه السلام ، فنزلنا وصلّينا معه وقد فاتتنا ركعة ، فلمّا قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا : جعلنا فداك هذه الساعة تصلّي ؟ فقال : « إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت » (٣) .
وذلك فإنّ صدره ـ كما ترى ـ يدل على أنّه كان مقرّراً عند الشيعة أنّه
___________________
(١) راجع ص ٢٠٠ .
(٢) المنتهى ١ : ٢٠٣ ، التذكرة ١ : ٧٦ .
(٣) أمالي الصدوق : ٧٥ / ١٦ وفيه : الأجفر بدل : الأخضر ، الوسائل ٤ : ١٨٠ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٢٣ .