وقابلية الشيء المعقود عليه للتملك ، وعدم استلزامه تحليل الحرام ، أو تحريم الحلال ، وما إلى ذلك مما جاء في كتب الفقه ، ومنها الجزء الثالث من فقه الإمام جعفر الصادق.
(أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ). الانعام هي الإبل والبقر والغنم والمعز الأهلية والوحشية ، وتقع البهيمة على الانعام وغيرها من الحيوانات التي لا نطق لها ، وعلى هذا تكون اضافة البهيمة الى الانعام من باب اضافة الشيء الى ما هو أخص منه. وبعد أن أحلّ الله أكل الانعام جاء هذا الاستثناء (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ). وقد تلا علينا جل ثناؤه صنفين من الانعام : الأول ما أشار اليه بقوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). والثاني ما أشار اليه في الآية الثالثة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ...). ويأتي الكلام عن هذا الصنف قريبا.
ومعنى (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ان الانعام التي أحل الله لنا أكلها هي الانعام الأهلية ، أو الوحشية التي لم نتصيدها حال الإحرام ، أما المصطادة في هذه الحال ، فأكلها حرام ، لأن كل ما يصطاده المحرم فلا يجوز أكله ، سواء أكان من الانعام ، أم من غيره ، ويأتي التفصيل عند تفسير الآية ٩٧ وما بعدها من هذه السورة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ). وشعائره جل وعز هي أحكام دينه ، ومن أظهرها مناسك الحج والعمرة ، قال تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) ـ ٣٢ الحج» ، ومعنى النهي عن تحليل أحكام دين الله ان لا نحرفها ، ونتصرف فيها كما نشاء. (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أي لا تحلوا القتال في الشهر الحرام ، والمراد به الأشهر الأربعة : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، لأن الألف واللام في الشهر للاستغراق. (وَلَا الْهَدْيَ) وهو ما يهدى الى بيت الله من الإبل والبقر والغنم ، والمراد ان لا يتعرض أحد لها بغصب أو منع من بلوغها البيت الحرام. (وَلَا الْقَلائِدَ) أي ولا ذوات القلائد فقد كانوا يقلدون الهدي بنعل أو حبل وما اليه ، ليعرف فلا يتعرض له أحد ، وانما ذكر ذوات القلائد بعد الهدي ، مع ان الهدي يقع عليها وعلى غيرها ـ للاهتمام بها ، تماما كقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى).