شيئا .. وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) تماما كمعنى قوله : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ـ ٥٣ المؤمنون. وقولنا : كل انسان راض عن عمله.
(ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). اذن ، فليدع المؤمنون سب آلهة المشركين ما دام الله سيعاقبهم عليه.
وتسأل : ان من سب الله أو رسوله يجب قتله ، وهذه الآية تشعر بأن أمره متروك الى حسابه وعذابه يوم القيامة؟.
الجواب : ان هذه الآية نزلت بمكة يوم كان المسلمون ضعافا لم يؤذن لهم بقتال ، لأن القتال كان آنذاك بالنسبة اليهم أشبه بعملية الانتحار ، أما مع قوة الإسلام وسلطانه فيجب تنفيذ حكم الاعدام بالساب ، ولا يجوز وقفه وتعطيله.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها). أيّد الله سبحانه رسوله محمدا (ص) بالأدلة الكافية على نبوته بما لا يدع مجالا للشك عند من يطلب الحق لوجه الحق ، ولكن مشركي قريش اقترحوا على محمد (ص) معجزات خاصة ، وجعلوها شرطا لإيمانهم به ، وأقسموا أغلظ الإيمان أن يصدقوا محمدا إذا استجاب لاقتراحهم ، فأمر الله نبيه أن يقول لهم : (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ). ينزل منها ما تقوم به الحجة على الجميع ، وما زاد فينزله أو يمنعه بحكمته وقضائه .. وتمنى المؤمنون ان يستجيب الله لطلب الكافرين رغبة منهم في سلمهم وايمانهم ، فخاطب الله المؤمنين بقوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) أي من أين علمتم ان الله سبحانه إذا أنزل الآية المقترحة يترك الكافرون كفرهم وعنادهم؟ وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٣٤ ـ ٣٧ من هذه السورة ، وفي ج ١ ص ١٨٩.
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ). نقلب أفئدتهم وأبصارهم كناية عن علم الله تعالى بحقيقتهم ، وضمير به يعود الى محمد أو الى القرآن ، والمعنى ان الله يعلم بأن المشركين لا يؤمنون بعد نزول الآية التي اقترحوها ، وانهم يبقون مصرين على ضلالهم الأول الذي كانوا عليه قبل نزول