التشريعية التي تعم الحاضرين والغائبين من وجد منهم ومن يوجد من غير تفاوت ، تماما مثل من بلغ عشرين عاما فعليه كذا ، ومن هذا الباب قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ـ ٦٠ يس». فإنه موجه لجميع الناس دون استثناء ، سواء أكانوا في زمن الخطاب ، أم لم يكونوا.
ثانيا : ان الأوامر والنواهي في الكتاب والسنة التي خوطب بها بنو آدم ، لو كانت موجهة لخصوص من كانوا في عهد الرسول (ص) لما كنا نحن مكلفين بها ، ولما صح لنا الاستدلال بشيء منها على حكم من أحكام الله ، مع ان جميع المسلمين ، ومنهم الشيخ عبده يحتجون بالقرآن وسنة الرسول (ص) ، بل هما المصدر الأول للعقيدة والشريعة الإسلامية بضرورة الدين.
وإذا كان التكليف الموجه لبني آدم شاملا لجميع البشر فالجميع يكونون ، والحال هذه ، نسلا لآدم دون استثناء ، وعليه تكون الآية ٦٠ من يس ، والآية ٢٧ من الأعراف : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ). والآية ١٧١ من الأعراف : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ). والآية ٧٠ من الاسراء : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) ، تكون هذه الآيات بيانا وتفسيرا للنفس الواحدة في قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) وان المراد منها هو أبونا آدم دون لبس واشتباه بغيره.
أما قول الشيخ محمد عبده : كان قبل آدم نوع من هذا الجنس فأجبنيّ عما نحن فيه ، لأن الكلام في الجنس الباقي ، لا في الجنس البائد.
هذا ، إلى ان الله سبحانه خاطبنا بقوله : (يا بَنِي آدَمَ) وأيضا خاطبنا بقوله : (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) ـ ٥ الحج). وأيضا قال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) فإذا عطفنا هذه الآيات بعضها على بعض تكون النتيجة : «كلكم لآدم ، وآدم من تراب» كما جاء في الحديث الشريف.
ثالثا : لقد ثبت عن رسول الله (ص) انه قال : أنا سيد ولد آدم. فهل لمسلم ـ السؤال موجه للشيخ عبده ـ أن يظن أو يحتمل ان الرسول (ص) أراد نوعا خاصا من البشر ، لا كل البشر؟.