والرجال فقط ، أما اليوم فتتمثل بالعلم ، ونمو الصناعة وتطورها ، فالبلد الجاهل ضعيف وان كان أغنى الأغنياء في الذهب الأسود والأصفر ، والبلد العالم قوي ، وان خلت أرضه من جميع المعادن ، والضعيف خاضع وتابع للقوي أراد ذلك ، أو لم يرد .. وقد كان العلم في الشرق عند المسلمين ، ثم انتقل الى الغرب ، ومن الجائز القريب أن يتفوق المسلمون علما وصناعة في السنوات المقبلة .. من يدري؟ الله أعلم.
(وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا). هذه الجملة معطوفة على محذوف ، والتقدير وتلك الأيام نداولها بين الناس لحكمة اقتضت هذه المداولة ، وليس المراد ان الله لم يكن عالما بالمؤمنين ، فداول الأيام لكي يعلمهم ، كلا ، فان الله يعلم السر وأخفى ، وانما المراد اظهار علمه بالمؤمنين ، ليعرفوا بين الناس ، ويتميزوا عن غيرهم ، قال صاحب مجمع البيان : ان أحدنا يعلم بإتيان الغد قبل مجيئه ، فإذا أتى علم به حاضرا ، وإذا انقضى علم به ماضيا ، فالتغيير والحدوث يحصل في المعلوم ، وهو الغد لا في العالم ، وكذلك الحال بالنسبة الى الله سبحانه ، فإنه يعلم المؤمن والكافر قبل أن يظهرا للناس على حقيقتهما ، فإذا ظهرا وتميزا علم بهما متميزين معروفين للناس.
(وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ). الشهيد هو الذي يجود بنفسه للذود عن عقيدته ، لأنه يرى الموت في سبيلها سعادة ، والحياة مع الظالمين برما ، كما قال سيد الشهداء الحسين بن علي (ع). وقد ملئ القرآن بتعظيم الشهداء ، من ذلك قوله تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ) ـ ٦٨ النساء».
(وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). فلا يصطفي منهم أحدا للشهادة. (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا). ان الغرض من مداولة الأيام ان يستفيد الإنسان من التجارب ، ويطهر نفسه من الشوائب ، وقيل : المراد بالتمحيص الابتلاء والاختبار الذي يظهر الإنسان على حقيقته.
(وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ). قال الرازي : «الأقرب ان المراد بالكافرين هنا طائفة مخصوصة منهم ، وهم الذين حاربوا رسول الله (ص) يوم أحد ، وانما