ومهما يكن ، فان المهم مراعاة صحة الطفل ومصلحته التي تختلف باختلاف الأجسام .. هذا ، وقد كان لمثل هذه البحوث أهميتها فيما مضى ، حيث لم تكن المواد الغذائية الصحية للأطفال وغير الأطفال متوافرة ، أما اليوم وقد توافرت وأصبحت في متناول كل يد فلم يعد لهذه المسائل من موضوع.
(وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). المولود له هو الأب ، واللفظ ظاهر في وجوب الإنفاق على من كانت في عصمة الزوج غير مطلقة كانت ، أم في العدة الرجعية ، والمراد بالرزق الطعام والإدام ، وعبّر عن النفقة التي من جملتها الإسكان ، عبّر عنها بالرزق والكسوة ، لأنهما الأهم ، والمراد بالمعروف مراعاة حال المرأة في النفقة ، ومكانتها الاجتماعية.
أما مراعاة حال الرجل المادية فقد أشار اليها سبحانه بقوله : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها). ونجد التفسير الواضح لهذه الجملة في قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) ـ الطلاق ٧».
كان للإمام جعفر الصادق (ع) أصحاب كثر ، وربما تأخروا عنده الى وقت الغداء ، فيقدم اليهم الطعام ، فحينا يأتيهم بالخبز والخل ، وحينا بأطيب المآكل ، فسأله واحد منهم عن ذلك؟. فقال : ان وسع وسعنا ، وان ضيق ضيقنا.
(لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ). يجب الوقوف عند قوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) ، لأن قضاة الشرع في هذا الزمان يستشهدون كثيرا بهذه الآية في أحكامهم ، ويفسرونها بأنه ليس للأب الإضرار بالأم عن طريق وليدها ، أما أهل التفسير فيكادون يجمعون على العكس ، وان المعنى لا تأبى الأم أن ترضع وليدها ، وتضره لتغيظ أباه بذلك. قال صاحب مجمع البيان ما نصه بالحرف : «لا تضار والدة بولدها ، أي لا تترك الوالدة إرضاع ولدها غيظا على أبيه». وأين هذا من استشهاد القضاة بالآية على ان الأب ليس له الإضرار بالأم بسبب الولد؟.
ونقول بعد توجيه الذهن الى الآية غير مثقل بأقوال الفقهاء والمفسرين : ان الشقاق والخلاف كثيرا ما يقع بين المرء وزوجه ، ويتعمد كل منهما أن يغيظ