مثال الثانى قوله تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ـ ٣٢ / ٥ ، فان تدبير الامر ينته بعروجه ، فليس بين آخر التدبير واول العروج فصل وتراخ.
هنا تنبيهات
١ ـ جاءت ثم فى آيات ظاهرها خلاف الترتيب ، منها قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ـ ٣٩ / ٦.
والجواب ان ثم على اصلها ، والخلق من نفس واحدة هو خلقة الذر التى كانت قبل خلق حواء ، وقوله : يخلقكم فى بطون الخ هو خلق بنى آدم الذى كان من آدم وحواء ومن بعدهما ، واتى ابن هشام فى المغنى لتوجيه الآية بوجوه خمسة ، هذا الذى قلنا احدها ، وهو الحق.
ومنها قوله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) ـ ٣٢ / ٧ ، والجواب ان التسوية ونفخ الروح راجعان الى نسله ، لا الى الانسان ، وان شئت فقل ان ثم للترتيب الذكرى او فى الكلام تقديم وتاخير.
٢ ـ جاءت ثم كالفاء فى آيات للترتيب الذكرى ، نحو قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ـ ٦ / ١٥٣ ، (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ١٠٢ / ٣ ـ ٤ ، (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) ـ ٨٢ / ١٧ ـ ١٨ ، وكقول الشاعر.
انّ من ساد ثمّ ساد ابوه |
|
١١٢٥ ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه |
٣ ـ استعملت ثم مكان الفاء فى هذا البيت لضرورة الوزن.
كهزّ الردينىّ تحت العجاج |
|
١١٢٦ جرى فى الانابيب ثمّ اضطرب |