وقد يستعمل احد نكرة فى سياق النفى مكان الجمع لان النكرة فى سياق النفى تفيد العموم ، كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) ـ ٦٩ / ٤٧ ، فحاجزين خبر عن احد ، ومن زيادة ، ومنكم حال عنه مقدم عليه ، اى فما احد منكم حاجزين عنه.
وقال فى تاج العروس : وفى حواشى السعد على الكشاف : انه لا يقع فى الاثبات الا بلفظ كل ، ويظهر هذا من ابن هشام فى سابع المغنى حيث قال : الثالثة عشرة قولهم : ان احدا لا يقول ذلك ، فاوقع احدا فى الاثبات لانه نفس الضمير المستتر فى يقول والضمير فى سياق النفى فكان احدا كذلك.
اقول : ان ابن هشام ابى ان يكون احد فى سياق الايجاب الا ان يكون مؤولا بالنفى ، وهذا منهم غفلة ، فان كتاب الله تعالى يشهد على خلافهم ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) ـ ٩ / ٦ ، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) ـ ٥ / ٦ ، (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)ـ ١١٢ / ١ ، (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) ـ ١٩ / ٢٦ ، (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ـ ٤٩ / ١٢ ، (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) ـ ٦٣ / ١٠ ، (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ٢ / ٩٦.
ان قلت : ان مرادهم ذكر احد اسما نكرة لا وصفا ، واحد فى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وصف ، والنكرة فى حيز الشرط تفيد العموم فكان احدا وقع فى الاثبات بلفظ كل ، فقوله تعالى ان احد من المشركين الخ يؤول الى وان استجارك كل احد من المشركين ، وكذا الآية الثانية ، واحد فى سائر الآيات معرفة ، قلت : هذا توجيه وكلامهم فيما رايت مطلق ، مع ان عموم كل شمولى وعموم النكرة فى حيز الشرط بدلى.
الخامس عشر : لفظ احد ياتى اسما ، فى قبال اثنين وثلاثة الخ ، وهو بهذا المعنى لا يثنى ولا يجمع ، لانهم استغنوا عن تثنيته باثنين وعن جمعه بثلاثة وما فوقها ، وياتى وصفا بمعنى ما لا جزء له وما لا نظير له ، وبهذا المعنى يثنى ويجمع كقول الشاعر :
يحمى الصريمة احد ان الرجال له |
|
٩٤٥ صيد ومجترئ باللّيل همّاس |