بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ـ ٨ / ٣٢.
ولم ير الباء بمعنى عن متعلقة بغير السؤال ، وقيل : ان الباء المتعلقة بمادة الغرور ايضا بمعنى عن ، نحو قوله تعالى : (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) ـ ٥٧ / ١٤ ، اى خدعكم الشيطان واغفلكم عن الله ، والظاهر انها سببية ، اى خدعكم الشيطان ونال منكم ما اراد بسبب قوله لكم ان الله كريم فافعل ما شئت من المعاصى.
وقيل : ان الباء فى قوله تعالى : (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) ـ ٥٧ / ١٢ ، بمعنى عن والظاهر انها بمعنى فى ، وقيل كذلك فى قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) ـ ٢٥ / ٢٥ ، بقرينة نظيرها فى قوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) ـ ٥٠ / ٤٤.
اقول : ان القياس بينهما باطل ، لان بالغمام فى الآية الاولى ليس بمنزلة عنهم فى الآية الثانية ، اذ التقدير : يوم تشقق السماء عن الملائكة فينزلون ويوم تشقق الارض عن الناس فيخرجون سراعا ، والباء بمعنى مع ، والغمام بمعنى السحاب الابيض الرقيق ، وبمعنى الكوكب ، وفى احاديثنا : ان الغمام فى هذه الآية استعارة لامير المؤمنين عليهالسلام فانه حاكم باذن الله يوم القيامة بين العباد كما نطقت بذلك روايات كثيرة ، ويمكن ان يكون الباء بمعنى فى بقرينة قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ـ ٢ / ٢١٠ ، فالمعنى : يوم تشقق السماء عن الملائكة فينزلون الى الارض حالكونهم مع الغمام او فى الغمام ، واما لزوم الغمام لنزول الملائكة وعدمه وكيف يركبون عليه فمحل بيانه كتاب التفسير.
المعنى العاشر : انتهاء الغاية ، اى بمعنى الى ، نحو قوله تعالى : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) ـ ١٢ / ١٠٠ ، لان الاحسان يتعدى بالى ، كقوله تعالى : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) ـ ٢٨ / ٧٧ ، ولا باس بان يقال : ان الباء ايضا للتعدية ، لان الفعل الواحد يمكن ان يتعدى بحروف متعددة كما مر بيانه فى مبحث تعدى الفعل