اصله زيد ضارب عمرا ، فالاختصاص بالمعمول حاصل قبل الاضافة ، فلم تحدث الاضافة شيئا الا تخفيف اللفظ بحذف التنوين.
قال ابن هشام فى رابع المغنى فى باب الامور التى يكتسبها الاسم بالاضافة : ان ابن مالك رد على ابن الحاجب فى قوله : ولا تفيد الاضافة اللفظية الا تخفيفا ، فقال : بل تفيد ايضا التخصيص فان ضارب زيد اخص ، من ضارب ، ثم قال ابن هشام : وهذا سهو من ابن مالك ، لان ضارب زيد اصله ضارب زيدا بالنصب ، وليس اصله ضاربا فقط ، فالتخصيص حاصل بالمعمول قبل ان تاتى الاضافة.
اقول : الحق مع ابن مالك لان الاسم كائنا ما كان اذا اضيف يحصل له تقييد بما اضيف اليه ، وذلك التقييد اما تخصيص او تعريف ، حتى الاسم المتوغل فى الابهام كغير ، فان مفهومه مفردا غير مفهومه مضافا كما مر بيانه.
وقولهم : ان ضارب زيد اصله ضارب زيدا من التخيلات النحوية ، فان المتكلم يتكلم باحدهما من اول الامر حسب غريزته البلاغية ، فان اضاف تخصص ضارب بالاضافة ، والا يتخصص بمعموله المرفوع الظاهر او المنصوب ، وان ذكره مفردا وقال : انا ضارب فلا تخصص اصلا.
نعم ان الوصف المضاف الى معموله لا يتعرف بالاضافة وان كان المضاف اليه معرفة اذ لا يزيد الاضافة له تقيدا غير تقيده بمعموله كما قلنا ، فلذلك يعامل معاملة النكرات ، وذلك فى مواضع.
١ ـ وقوعه نعتا للنكرة ، نحو قوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) ـ ٥ / ٩٥ ، بالغ الكعبة نعت لهديا.
٢ ـ وقوعه حالا والاصل فى الحال ان تكون نكرة ، نحو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ـ ٢٢ / ٨ ـ ٩ ، ثانى عطفه حال من فاعل يجادل ، وكقول الشاعر.
فاتت به حوش الفؤاد مبطّنا |
|
٥٨٧ سهدا اذا ما نام ليل الهوجل |