التصريف ، والمثنى والجمع ، فرعان ، مسألة لا دخل لها مطلقا في باب القياس ، فالأصل والفرع في تنويع السيوطي من باب القياس ، والأصل الفرع في أمثلته من باب الاشتقاق والتصريف!!
ويقول ابن جني : إن النحويين (شبهوا الأصل بالفرع في المعنى الذي أفاده الفرع من ذلك الأصل ، ألا ترى أن سيبويه أجاز في قولك : (هذا الحسن الوجه) أن يكون الجر في الوجه من موضعين : أحدهما الإضافة ، والآخر تشبيهه ب (الضارب الرجل) الذي إنما جاز فيه الجر تشبيها ب (الحسن الوجه) (٥٤) ثم نسب ابن جني هذا الوضع (الدائر) إلى العرب ، وذلك في دفاعه عن رأي سيبويه ب : (أن العرب إذا شبهت شيئا بشئ مكنت ذلك الشبه لهما ، وعمرت به الحال بينهما ، ألا تراهم لما شبهوا الفعل المضارع بالاسم فأعربوه ، تمموا ذلك المعنى بينهما بأن شبهوا اسم الفاعل بالفعل فأعملوه) (٥٥).
وقال في موضع سابق : (وهذا يدلك على تمكن (الفروع) عندهم ، حتى أن (أصولها) التي أعطتها (حكما) من أحكامها قد حارت فاستعادت في فروعها ما كانت هي أدته إليها ، وجعلته عطية منها لها!!) (٥٦).
وهذا كلام لو صدر عن غير ابن جني لقيل : هو إلى الخيال الشعري أقرب منه إلى البحث اللغوي ، وكله مما لا حاجة لهم به ، لأن الدليل عليه ، ليس هو القياس ولا التشبيه ، وإنما هو كلام العرب الذي ثبت بالاستقراء ، والعرب لم تشبه شيئا بشئ ، ولم تفترض أن أحدهما أصل ، والآخر فرع ، وإنما أنت الذي شبهت الفعل المضارع بالاسم ، فادعيت : أنه أعرب لذلك ، وشبهت اسم الفاعل بالفعل ، فادعيت : أنه أعمل لذلك ، والحقيقة أن العرب نطقوا بالفعل المضارع مرفوعا ، ومنصوبا ، ومجزوما ، ونطقهم بذلك يكفي في الدلالة على إعرابه ، من دون حاجة إلى قياسه على الاسم ، ولا تأتي النوبة إلى القياس إلا بعد فقدان النص
__________________
(٥٤) الخصائص ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
(٥٥) الخصائص ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
(٥٦) الخصائص ١ / ٢٩٨.