بشهادة المنقطعين إلى الأدب ونقده وتحليله اللفظي والمعنوي.
ومن المؤسف أن أدب الدعاء طواه إغفال الأدباء ، بل تعدى إغفالهم لجانب بديعه وغريبه ونحوه وأسلوبه أيضا ، بالرغم من صرف جهود واسعة في الأضعف منه والأخس من مجون الشعراء ، ولغط الأعراب في زوايا البوادي أو النوادي.
إلا أن بعض فطاحل النحو وفحول اللغة ، قد تنبهوا إلى هذا الأمر الخطير ، كابن مالك النحوي ، والمحقق الشيخ نجم الأئمة الرضي شارح «الكافية»! وابن منظور الأنصاري صاحب «لسان العرب» وابن فارس صاحب «المقاييس» فقد احتجوا في مؤلفاتهم بحديث النبي وأهل البيت عليهمالسلام.
قال البغدادي : الصواب جواز الاحتجاج بالحديث النبوي في ضبط ألفاظه ، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل البيت عليهمالسلام ، كما صنع الشارح المحقق الرضي (٣٧).
هذا في مطلق الحديث ، وأما خصوص ما احتوى على الدعاء منه ، فاهتمام الشارع والمتشرعة بأمر ضبطها والمحافظة عليها ، يدفع كل الشبه المثارة حولها فلا نزاع في الاحتجاج بها في المباحث اللغوية كافة ،.
والحق أن «الدعاء» الشريف ، خزينة غنية بالمعارف العقلية ، والأخلاف الفاضلة ، وكنز لغوي حافل بالمفردات الفصيحة ، والتراكيب البليغة ، خالية عن أدنى شوب أو لكنة.
فأين أولياء اللغة من هذه الحقيقة السافرة؟
وأين هم من هذا الكنز العظيم؟
وأين هم من هذا المورد العذب؟
والله ولي التوفيق ، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
(٣٧) خزانة الأدب ، للبغدادي
١ / ٤ ـ ٧ ، الطبعة الأولى.