/ وإذا أبدلت النكرة من المعرفة لزمت الصفة لئلا يترجّح غير المقصود على المقصود في البيان (١) كقوله تعالى (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)(٢) وهو مذهب الكوفيين (٣) واختاره الزمخشري (٤) وابن الحاجب (٥) وأجاز جمهور البصريين ذلك بدون الصفة محتجّين بأنّه تحصل من اجتماعهما فائدة لم تحصل في الانفراد نحو : مررت بصاحبيك عاقل وجاهل ، ومنه قول الشاعر : (٦)
فلا وأبيك خير منك إنّي |
|
ليؤذيني التّحمحم والصّهيل |
فأبدل خير منك وهو نكرة من أبيك وهو معرفة ، ولا يجوز في بدل الكلّ أن يبدل الظاهر من المضمر من غير ضمير الغائب (٧) نحو : ضربته زيدا ، وأمّا ضمير المتكلّم والمخاطب فلا يجوز أن يجعل الظاهر بدلا منهما فإنك لو قلت : رأيتك زيدا ، وقمت زيد ، وجعلت زيدا بدلا من كاف رأيتك وتاء قمت لم يجز ذلك ، لأنّ ضمير الغائب يحتمل أن يكون لكلّ غائب سبق ذكره ، فإذا أبدلت الظاهر منه حصلت الفائدة ، بخلاف ضمير المخاطب والمتكلّم فإنّه لا يحتمل أن تكون الكاف في مررت بك لغير الذي تخاطبه ، ولا التاء في : كلّمتك لغير المتكلّم ، وأيضا فإنّ ضمير المخاطب والمتكلم أعرف من الظاهر وفي البدل والمبدل ، الثاني منهما هو المقصود بالنسبة ، فلو جعل الظاهر بدلا من ضمير المتكلّم والمخاطب ، وهما أعرف منه ، لكان لغير المقصود مزيّة على المقصود (٨) ، وأجازه بعضهم (٩) محتجّا بقولهم : رأيتكم أوّلكم وآخركم وصغيركم وكبيركم ، فأوّلكم وما بعده بدل من الكاف في رأيتكم ، وأمّا بدل البعض والاشتمال
__________________
(١) لأنّ البدل للإيضاح ، والشيء لا يوضح بما هو أخفى منه ، فلا تحصل فائدة بدون الصفة انظر حاشية ياسين على مجيب الندا ، ٢ / ٢٥٥.
(٢) الآيتان ، ١٥ ـ ١٦ من سورة العلق.
(٣) همع الهوامع ، ٢ / ١٢٧.
(٤) المفصل ، ١٢١ ـ ١٢٢. والزمخشري هو أبو القاسم محمود بن عمر من أهل خوارزم ، معتزلي مشهور ، توفي ٥٣٨. انظر ترجمته في نزهة الألباء ، ٣٩١ وإنباء الرواة ، ٣ / ٢٦٥ والبلغة ٢٥٦.
(٥) وجعله ابن الحاجب في الكافية ٤٠٢ ـ واجبا.
(٦) شمير بن الحارث الضبي ، ورد منسوبا له في النوادر ١٥٤ وخزامة الأدب ٥ / ١٧٩ ومن غير نسبة في المقرب ، ١ / ٢٤٥ وشرح الكافية ١ / ٣٣٨. التحم+ صوت الفرس إذا طلب العلف.
(٧) الكافية ، ٤٠٢.
(٨) شرح الوافية ، ٢٧٠ وشرح المفصل ، ٣ / ٦٩ وشرح التصريح ، ٢ / ١٦٠.
(٩) كالأخفش والكوفيين ، شرح الكافية ، ١ / ٣٤٢ والهمع ، ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨.