(الثاني) الوزن الذي الفعل به أولى لكونه غالبا فيه ك «إثمد» بكسر الهمزة والميم ، حجر الكحل ، و «إصبع» واحدة الأصابع و «أبلم» خوص المقل (١) ، إذا كانت أعلاما فـ «إثمد» على وزن «اجلس» فعل الأمر من جلس و «إصبع» على وزن «اذهب» و «أبلم» على وزن «اكتب» فهذه الموازن في الفعل أكثر.
(الثالث) الوزن الذي به الفعل أولى لكونه مبدوءا بزيادة تدلّ على معنى في الفعل ، ولا تدلّ على معنى في الاسم نحو «أفكل» وهي الرّعدة ، و «أكلب» جمع كلب ، فالهمزة فيهما لا تدلّ على معنى ، وهي في موازنهما من الفعل دالّة على المتكلّم في نحو «أذهب» و «أكتب» فالمفتتح بالهمزة من الأفعال أصل للمفتتح بها من الأسماء.
ثمّ لا بدّ من كون الوزن «لازما باقيا ، غير مخالف لطريقة الفعل» (٢). ولا يؤثّر وزن هو بالاسم أولى ك : «فاعل» نحو «كاهل» علما فإنه وإن وجد في الفعل ك «ضارب» أمرا من الضرب ، إلّا أنّه في الاسم أولى لكونه فيه أكثر ، ولا يؤثر وزن هو فيهما على السواء ، نحو «فعل» مثل : «شجر» و «ضرب» و «فعلل» مثل «جعفر ودحرج».
قال سيبويه ما ملخصه :
وما يشبه الفعل المضارع فمثل اليرمع (٣) واليعمل ، ومثل أكلب ، وذلك أنّ يرمعا مثل يذهب ، وأكلب مثل أدخل ، ألا ترى أنّ العرب لم تصرف : أعصر ولغة لبعض العرب : يعصر ، لا يصرفونه أيضا. وكلّ هذا يمنع من الصّرف إذا كان علما ، ويصرف إذا كان نكرة.
__________________
(١) المقل : صمغ ، والمقل المكي : ثمر شجر الدّوم
(٢) فخرج باللزوم نحو «امرىء» علما فإنّه في النصب نظير اذهب وفي الجرّ نظير اضرب ، وفي الرفع نظير اكتب ، فلم يبق على حالة واحدة ففارق الفعل بكون حركة عينه تتبع حركة لامه والفعل لا إتباع فيه ، وخرج بكونه «باقيا» نحو «ردّ وقيل وبيع» بالبناء للمفعول ، فإنها لم تبق على حالتها الأصلية ، فإن أصلها «فعل» بضم الفاء وكسر العين ثم دخلها الإدغام والإعلال ، فالإدغام في «ردّ» والإعلال بالنقل والقلب في «قيل» وبالنقل فقط في «بيع» وصارت صيغة «ردّ» بمنزلة صيغة «قفل» و «قيل وبيع» بمنزلة صيغة «ديك» فوجب صرفها لذلك وخرج بكونه غير مخالف لطريقة الفعل نحو «ألبب» علما جمع لب ، وهو جمع قليل ، وهذا ينصرف أيضا ، لأنه قد باين الفعل بالفك ، وصرفه مذهب الأخفش ، وعند سيبويه يمنع من الصرف لوجود الموازنة ك «اكتب» ولأن الفكّ رجوع إلى الأصل متروك.
(٣) اليرمع : حجارة لينة رقاق بيض تلمع.