أي : لأن كنت ذا نفر فخرت ، وهو متعلّق الجار.
وقلّ حذف «كان» وحدها بدون «أن» المصدريّة كقول الرّاعي :
أزمان قومي والجماعة كالذي |
لزم الرّحالة أن تميل مميلا |
قال سيبويه : أراد أزمان كان مع الجماعة.
(الرابع) أن تحذف مع معموليها ، وذلك بعد «إن» الشّرطية نحو : «ساعد أخاك إمّا لا» أي إن كنت لا تساعد غيره ، فـ «ما» عوض عن «كان واسمها» وأدغمت نون «إن» فيها ، و «لا» هي النافية للخبر.
١٦ ـ حذف نون «يكون» :
يجوز حذف نون المضارع من «يكون» بشرط كونه مجزوما بالسّكون ، غير متّصل بضمير نصب ، ولا بساكن نحو : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(١) فلا تحذف في نحو (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ)(٢) ، (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ)(٣) لانتفاء الجزم ، لأنّ الأوّل مرفوع والثّاني منصوب ، ولا في نحو (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ)(٤) لأنّ جزمه بحذف النون ، ولا في نحو : «إن يكنه فلن تسلّط عليه» ، لاتّصاله بالضّمير (٥) المنصوب ، ولا في نحو «لم يكن الله ليغفر لهم» لاتصاله بالساكن ، وشذّ قول الخنجر بن صخر الأسدي :
فإن لم تك المرآة أبدت وسامة |
فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم (٦) |
كائن : بمعنى «كم» في الاستفهام والخبر ، مركّب من كاف التّشبيه و «أيّ» المنوّنة (٧) ولهذا جاز الوقف عليها بالنون ، وفيها
__________________
(١) الآية «٤٠» من سورة النساء «٤» و «تك» أصلها «تكون» بالرفع ، حذفت الضمة للجازم ، والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف ، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعا.
(٢) الآية «١٣٥» من سورة الأنعام «٦».
(٣) الآية «٧٨» من سورة يونس «١٠».
(٤) الآية «٩» من سورة يوسف «١٢».
(٥) لأن الضمائر ترد الأشياء إلى أصولها.
(٦) حذف النون مع ملاقاة الساكن ، وهذا الشرط خالف فيه يوسف بن حبيب فأجاز الحذف معه متمسكا بهذا البيت ونحوه ، والجمهور حملوا هذا البيت وغيره على الضرورة ، و «الوسامة» الحسن والجمال ، فكأنه نظر وجهه في المرآة فلما رآه غير حسن تسلّى بأنه يشبه «الضيغم» وهو الأسد.
(٧) ويقول السيوطي : ولو ذهب ذاهب إلى أنّ «كائن» اسم بسيط فالكاف والنون فيه أصلان ، وهو بمعنى «كم» لذهب مذهبا حسنا ، فإنه أقرب من دعوى التركيب بلا دليل.