الزّنبور (١) فقال : سلّمت (سلّمنا ل خ) أنّ الوقت قد وسع ، إلا أنّ الاقدام على هذا العمل ممّا يضيّق قلب الفقير الذي لا يجد شيئا وينفر الرّجل الغني ، فلم (ولم خ ل) يكن في تركه مضرة ، لأن الذي يكون سببا للالفة أولى عمّا (ممّا خ ل) يكون سببا للوحشة ، وايضا الصّدقة عند المناجاة واجبة اما المناجاة فليست بواجبة ولا مندوبة ، بل الأولى ترك المناجاة لما بيّنا من أنّها كانت سببا لسامة النبي صلىاللهعليهوسلم «انتهى».
وأجاب عنه الفاضل النيشابوري (٢) في تفسيره بقوله : قلت هذا الكلام لا يخلو عن تعصّب ما ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية عليّ كرّم الله وجهه في كلّ خصلة ، ولم لا يجوز أن يحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة ، فقد روى عن ابن عمر كان لعليّ ثلاث لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحبّ إلىّ من حمر النّعم : تزويجه بفاطمة (فاطمة خ ل) رض ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى ، وهل يقول منصف : إنّ مناجاة النبيّ صلىاللهعليهوسلم نقيصة؟ على أنه لم يرد في الآية النهى (نهى خ ل) عن المناجاة ، وإنّما ورد تقديم الصّدقة على المناجاة ، فمن عمل بالآية حصلت له الفضيلة من جهتين ، من جهة سدّ خلّة بعض الفقراء ، ومن جهة محبّة نجوى الرسول صلىاللهعليهوسلم ففيها القرب منه وحلّ المسائل العويصة ، وإظهار أنّ نجواه أحبّ إلى المناجي من المال «انتهى».
وأقول : يتوجه على الرّازى فوق ما أورده النيشابوري عليه ، أنّ علّة تشريع الصدّقة عند النجوى إنّما هو سدّ خلة الفقراء والرّفق بهم ، ومع ذلك هم معذورون في ذلك شرعا وعرفا خارجون عن حكم الآية ضرورة ، فلا يلزم انكسار قلوبهم كما لا يخفى ، على أنّ ما ذكره جار في تشريع الزّكاة والحجّ ونحوهما ممّا يتوقف وجوبه أو
__________________
(١) إشارة إلى المثل السائر الدائر (زاد في الطنبور نغمة) وهو من الأمثال المولدة ثم في إضافة النغمة إلى الزنبور لطف تعبير كما لا يخفى على اهل الذوق.
(٢) في تفسيره المطبوع بهامش تفسير الطبري (ج ٢٨ ص ١٨ ط الاولي بمصر)