٢ ـ الاحتجاج بالشواهد ـ ولو كان الشاهد واحدا أو مجهول الأصل ـ وبناء القواعد على ذلك وقد قيل : إن الكسائي كان يسمع الشاذ الذي لا يجوز إلا في الضرورة فيجعله أصلا ويقيس عليه.
٣ ـ التسامح في كل ما يصلهم من نصوص وعدم الحكم على شيء بالضرورة ـ وعدم نزوعهم إلى التأويل أو الاعتساف فكان مذهبهم بذلك واسعا مفتوحا.
موازنة خاطفة بين المذهبين :
كان البصريون أكثر استنباطا وأوثق رواية من الكوفيين ـ حتى لقد كان الكوفيون يثقون في روايتهم ويعملون بها .. ولم يحدث العكس ..
ثم كان البصريون هم السابقين في وضع القواعد وتقرير المسائل .. وقد تألق منهم علماء كانوا أعلاما في اللغة والنحو ... فكانت شخصيتهم عامل جذب لهذا المذهب ، وسبيلا إلى شهرته وذيوعه ـ وكان الكوفيون أقل تدقيقا وأضعف رواية وأكثر تساهلا مما جعل مذهبهم واسعا مفتوحا ـ كما ابتعدوا عن التكلف والتضييق الذي اشتهر به البصريون.
ولسنا نزكي مذهبا على مذهب تزكية مطلقة ولكن بحسبنا أن نقف عند قوة الدليل لا متحيزين ولا متعصبين .. وإن كان في النهاية مذهب البصريين أوثق ... ومذهب الكوفيين أيسر وأوسع ..
وقد تصدى العلماء لوضع كتب في قضية الخلاف بين المذهبين منهم أبو البقاء العكبري المتوفى سنة ٦١٦ ه الذي وضع كتابا في هذا الموضوع باسم «التبيين في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين» كما ألف العلامة الجليل أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي المتوفى سنة ٥٧٧ ه كتابا أسماه «الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين» ذكر فيه مئة وإحدى وعشرين مسألة فيها خلاف بين المذهبين.
هذا ونشير هنا إلى أن الخلاف بين هاتين المدرستين كان واسعا .. وقد حدثت بينهما مناظرات ومناقشات بدأت هادئة بين الخليل والرؤاسيّ ثم اشتدت بين سيبويه والكسائي ومن جاء بعدهما ـ واستمرت إلى أواخر