بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي يَابْنَ رَسُولِ اللهِ
________________________________________________
بابي : أصله مفعول ثان لافدي المقدّر ، انت : مفعول اول ، والمعنى افديكم بأبي وأُمي والباء فيها تسمى باء التفدية .
وهذه العبارة تستعمل لبذل الحبيب والعزيز وقاية للأحبّ والأعز ، بحيث يفنى العزيز والحبيب عن رعاية نفسه والمحافظة عليها في قبال الاحبة والأعزة .
وهذا كله إذا وجدتَ من ظهر بصفة حسنة جليلة كصفات محمد وآله الطاهرين عليهمالسلام ، بحيث قد هان عند ظهورها لك كل جليل وعزيز عندك ، فحينئذ تقول : بأبي أنت واُمي وهم أحب الأشياء عندي وأعزّها عليّ ، وهي أبي واُمي وأهلي أي أفديهم وقاية لكم من كل مكروه ومحذور .
وكيف كان فهذه الجمل تستعملها العرب عند الخطاب لمن يحترمون مقامه ويعظمون اكرامه ، ثم الوجه في ابراز هذه الجمل ان الزائر لما أراد خطاب الإمام الحسين عليهالسلام بان يشهد عليهالسلام على ما انطوى عليه قلب الزائر من الاعتقاد بولايتهم ، وان الامام عليهالسلام هو المحبوب له بحيث ليس محبوب أشد حبّاً منهم ، وأراد أن يشهد الإمام عليهالسلام عليه بما يذكره الزائر من الاقرار بالجمل السابقة للزيارة من جهة المعاهدة والميثاق المؤكد مع الإمام عليهالسلام بما اعتقد من علوّ مقامهم . إلّا أنه حيث كان في نفسه بعض الصفات الرذيلة فكأنه استحيى ان يطلب من الإمام عليهالسلام النظر إلى قلبه ، فيرى مع هذه العقائد الحقة تلك الصفات الرذيلة ، هذا مع أنه يعلم ( الزائر ) ان الامام مطلع على ما في القلوب من العقائد الحقة فهو ( الزائر ) لأجل هذه الأُمور قال : « بأبي أنت واُمي » ليقبل عليهالسلام منه هذه الشهادة ولا يرده عن بابه بل يجعله مشمولاً لالطافه الخاصة رزقنا الله ذلك بمحمد وآله الطاهرين (١) .
__________________
(١) الانوار الساطعة مع تصرف .