والى اجمال ما فصلنا يشير بقوله : (باعتبار ان يجعل الاسناد المذكور في التعريف اعم من ان يدل عليه الكلام بصريحه كما مر) في قوله «عِيشَةٍ راضِيَةٍ» ، و «سيل مفعم» الى آخر الامثلة المتقدمة في المتن (او يكون) الكلام (مستلزما له) اى للاسناد (كما في هذه الأمثلة) فانها وان لم تكن اسنادات صريحة لكنها مستلزمة لها ، فقوله تعالى (شِقاقَ بَيْنِهِما) مستلزم لقولنا البين مشاقق ، و (مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) مستلزم لقولنا والليل والنهار ما كران ، و «يا سارق الليلة» مستلزم لقولنا الليلة مسروقة ، و (لا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) مستلزم لقولنا الأمر مطاع.
والى هذا الاستلزام اشار بقوله (فانه جعل فيها البين شاقا والليل والنهار ما كرين والليلة مسروقة والأمر مطاعا) وقس على ذلك باقى الامثلة ، فقل ان قولنا «انبات الربيع» مستلزم لقولنا الربيع منبت ، و «نومت الليل» مستلزم لقولنا منوم ، و «جرى الأنهار» مستلزم لقولنا الأنهار جارية ، و «اجريت النهر» مستلزم لقولنا النهر مجرى.
(وكذا فيما جعل الفاعل المجازى تميزا) اذ يجوز جعل الفاعل تميزا ، سواء كان فاعلا حقيقيا كما في الألفية.
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا |
|
مفضلا كأنت اعلا منزلا |
اذ معناه انت اعلا منزلك ، او فاعلا مجازيا (كقوله تعالى) في سورة الفرقان «أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً» وذلك (لأن التمييز في الأصل فاعل) اذ اصله كما قال في الكشاف مكانكم شر من مكانه وسبيلكم اضل من سبيله ، وفي طريقته قوله تعالى (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ) آلاية ، ويجوز ان يراد بالمكان الشرف والمنزلة وان يراد الدار والمسكن ، كقوله تعالى «أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً