إذ فيه انّه مشتق من النبأ ، لا من النبوة ، وعلى فرض صحته فالحمل عليه ضعيف جداً ، لكونه منقولاً إلى المعنى المصطلح ولم يستعمل هذا اللفظ وما اشتق منه ، وهي النبوة ، في القرآن ولا في الأحاديث الشريفة ، إلاّ في ما استعملت فيه تلك اللفظة في قوله تعالى : ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِن دُونِ اللهِ ) (١).
مضافاً إلى أنّ هذا لا يصح في قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٢) ، إذ لا يصح تفسير النبي فيه إلاّ بالمعنى المصطلح ، ثم إنّ صاحب المنار (٣) لما اختار هذا الفرق وجه تقديم الرسول على النبي في قوله سبحانه : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ) بكونه أهم وأشرف ولكن لو صح ما ذكره فرضاً في قوله سبحانه : ( كَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ) (٤) ، أي رسولاً عظيم الشأن لا يصح في قوله : ( وَلا نَبِيٍّ ).
٤. انّ ما ذكر من الوجه لا يصح في قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) فإذا كان الرسول هو النبي المبعوث إلى الناس يكون المقصود من عديله أعني النبي ، غير المبعوث منهم فقط ، فإنّ المبعوث منهم إلى الناس داخل في الرسول ، وإذا كان المقصود من « النبي » في الآية غير المبعوث إلى الناس لا يستقيم معنى الآية ، وينافيه قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ) لظهوره في أنّ الصنفين مرسلان من الله.
__________________
(١) آل عمران : ٧٩.
(٢) الحج : ٥٢.
(٣) المنار : ٩ / ٢٢٥.
(٤) قال العلاّمة الطباطبائي في ميزانه : والآيتان في مقام المدح والتعظيم ولا يناسب هذا المقام ، التدرج من الخاص إلى العام ( الميزان : ٢ / ١٤٥ ).