(أ) فأما أفعال القلوب (١) فمنها ما قد يكون معناه العلم. (أى : الدلالة على اليقين (٢) والقطع) ، ومنها ما قد يكون معناه الرّجحان (٣). ويشتهر من الأولى سبعة (٤) :
(١) علم (٥) ؛ مثل : علمت البرّ سبيل المحبة. وعلمت المحبة سبيل القوة.
(٢) رأى (٦) ؛ مثل : رأيت الأمل داعى العمل ، ورأيت اليأس رائد الإخفاق ، وقول الشاعر :
رأيت لسان المرء وافد (٧) عقله |
|
وعنوانه ؛ فانظر بماذا تعنون |
(٣) وجد ؛ مثل : وجدت ضعاف الأمم نهبا لأقويائها ، ووجدت العلم أعظم أسباب القوة.
(٤) درى ؛ مثل : دريت المجد قريبا من الدائب فى طلبه ، ودريت لذة إدراكه ماحية تعب السعى إليه.
__________________
(١) أفعال القلوب ثلاثة أنواع ؛ نوع لازم (لا ينصب المفعول به) مثل : فكّر ـ تفكر ـ حزن ـ جبن .... ونوع ينصب مفعولا به واحدا ؛ مثل : خاف ـ أحب ـ كره .... ونوع ينصب مفعولين ؛ كأفعال هذا الباب المذكورة هنا ، بشرط أن تؤدى معنى معينا ؛ كما سنعرف.
(٢) هو : الاعتقاد الجازم الذى لا يعارضه دليل آخر يسلم به المتكلم. وقد يكون هذا الاعتقاد صحيحا فى الواقع أو غير صحيح.
(٣) الشك : ما ينشأ فى النفس من تعارض دليلين فى أمر واحد ؛ بحيث تتساوى قوتهما فى التعارض والاستدلال ؛ فلا يستطيع المرء ترجيح أحدهما على الآخر ؛ لعدم وجود مرجح. أما الرجحان أو الظن ، فهو ما ينشأ من تغلب أحد الدليلين المتعارضين فى أمر ؛ بحيث يصير أقرب إلى اليقين. فالأمر الراجح محتمل للشك واليقين ، لكنه أقرب إلى اليقين منه إلى الشك. وفى هذه الحالة يسمى المرجوح : «وهما».
(٤) قد يستعمل كل منها فى معان أخرى غير اليقين ؛ فينصب مفعولا واحدا ، أو لا ينصب. (وسنعرض لبعض هذا فى ص ١٢).
(٥ ، ٥) سيجىء فى الباب التالى : «أعلم وأرى» ـ ص ٥٥ ـ حكم الفعلين : «علم» و «رأى» إذا سبقتما همزة النقل ؛ (أى : همزة التعدية). ومما يتصل بمعنى الفعل «رأى» وباستعماله وروده فى الأساليب العالية بمعنى : «أخبرنى» ؛ نحو : أرأيتك هذا الكتاب هل عرفت قيمته؟ ... وقد أوضحنا هذا الأسلوب ، ونوع الكاف وحكمها ، بتفصيل واف يشمل معناه ، وصياغته ، وطريقة استعماله ...
(فى باب الضمير ص ٢١٥ ، م ١٩ من الجزء الأول). وستجىء له تتمة هامة فى ص ١٥.
(٦) رسول عقله ودليله. وبعد هذا البيت :
ويعجبنى زىّ الفتى وجماله |
|
فيسقط من عينىّ ساعة يلحن |