فمثال «إلا»
الواقعة صفة لجمع حقيقى هو نكرة حقيقية : سينهزم الأعداء ، فقد خرج لملاقاتهم جيش
كبير ، إلا القواد والرماة. فلا يصح أن تكون «إلا» هنا حرف استثناء ؛ خشية أن يفسد
المعنى ؛ إذ الاستثناء ـ كما شرحنا أول الباب ـ يقتضى أن يكون المعنى : خرج لملاقاتهم
جيش كبير طرحنا ونقصنا منه القواد والرماة ، ولا يعقل أن يخرج جيش كبير دون قواده
ورماته. ومثل : تتسع قاعة المحاضرة لجموع كثيرة إلا المحاضر ، فهى هنا ـ كما فى
المثال السابق ـ بمعنى : غير. ولا يصح أن تكون بمعنى «إلا» الاستثنائية ؛ لئلا
يترتب على ذلك أن يكون المعنى : تتسع قاعة المحاضرة لجموع كثيرة طرحنا ونقصنا منهم
المحاضر ، إذ لا يعقل أن تتسع قاعة المحاضرة للسامعين ، ولا تتسع للمحاضر ، فلا
يمكن أن يجتمعوا لسماع محاضرة من ليس له مكان عندهم ، ومثل هذا قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما) آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ، فلو كانت «إلا» حرف
استثناء لكان المعنى : لو كان فيهما آلهة ، ليس من ضمنها الله لفسدتا. (أى : لو
كان فيهما آلهة أخرجنا وطرحنا منها الله ، لفسدتا) وهذا معنى باطل ؛ إذ يوحى
بأنهما لا تفسدان إذا كان الله من ضمن الآلهة ولم يخرج ولم يطرح. وهذا واضح
البطلان. بخلاف ما لو كانت «إلا» اسما بمعنى : «غير» ، نعتا للنكرة قبلها ؛ فإن
المعنى يصح ويستقيم.
ومثال : «إلا»
الاسمية الواقعة نعتا لشبه الجمع الذى هو نكرة حقيقية أن تقول للخائن : غيرك إلا
الخائن يستحق الصفح ، فكلمة «إلا» اسم بمعنى : «غير» ولا تصلح أن تكون استثناء
لئلا يكون المعنى : غيرك من الخائنين يستحقّ الصفح إلا الخائن ، وفى هذا تناقض
ظاهر. أو غيرك من الأمناء مطروحا وخارجا منهم الخائن يستحقون الصفح. والخائن ليس
من الأمناء ، ولا علاقة له بهم حتى يستثنى منهم . فإذا جعلنا : «إلا» بمعنى : «غير» صح المعنى واستقام
وتعرب صفة لكلمة «غير» الأولى ، ولا يصح أن تكون حرف استثناء لفساد المعنى وتناقضه
...
ومثالها نعتا
للجمع الحقيقىّ الشبيه بالنكرة : يخشى عقاب الله العصاة إلا الصالحون
__________________